الأربعاء، 3 يوليو 2019

حق الدفاع الشرعي

*لست مجرماً* ....... (1)

▪بقلم✍🏻/نسمة عبدالحق النجار.
29/يونيو/2019م.
  26/شوال/1440ه‍.

قال تعالى:(فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل مااعتدى عليكم)[البقرة:194]
وقال الرسول الكريم:(ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ،ومن قتل دون ماله فهو شهيد ،ومن قتل دون اهله فهو شهيد ) [سنن النسائي].

رأيت تقسيم الموضوع الى اجزاء حتى لايصيب القارئ الملل وحتى تصل الفكرة بتسلسل وانسيابية وسأُتبع الموضوع بعدد من التطبيقات القضائية والإفتراضية لضمان وصول الموضوع مكتمل الجوانب،وذلك بعد ان قرأت واطلعت على نصوص قانون الجرائم والعقوبات واحكام المحاكم ولعدد من كتب شُراح القانون ،لأضع الخلاصة بين يدي القارئ الكريم ليكون مرجعاً للقضاة والمحامين والباحثين القانونيين بل لجميع شرائح المجتمع ،سائلةً المولى جل جلاله ان اكون قد وفقت في ذلك وان يكون عملي خالصاً لوجهه الكريم.

نص الإسلام قبل القوانين على الدفاع الشرعي كأهم صورة للإباحه ،وذلك للحفاظ على حياة الناس واعراضهم واموالهم اي لرد اي اعتداء يوشك ان يتسبب في هلاكها .
فالدفاع الشرعي عند تحقق شروطه هو الذي ينتزع الصفة التجريمية للفعل ليجعل منه فعل مباح خارجاً عن الاصل الذي ينبغي ان يكون عليه الحال.
الاصل في الدفاع ان تقوم به السلطات في الدولة ولكن هذا الاصل ينتفي في حالة الدفاع الشرعي لصعوبة اللجوء للسلطات لوجود خطر حال يلزم المواجهة لان لو تُرك دون ذلك لتسبب بوقوع جريمة.
نصت المادة *(27)* من قانون الجرائم والعقوبات اليمني على الدفاع الشرعي إذ جاء فيها:(تقوم حالة الدفاع الشرعي اذا واجه المدافع خطراً حالاً من جريمة على نفسه او عرضه او ماله، او نفس الغير او عرضه او ماله ،وكان من المتعذر عليه الالتجاء الى السلطات العامة لاتقاء هذا الخطر في الوقت المناسب،ويجوز للمدافع عندئذ ان يدفع الخطر بمايلزم لرده، وبالوسيلة المناسبه).
ومن هذا النص يتبين لنا انه جمع كل شروط الدفاع الشرعي الذي لايعرض صاحبه للمساءلة الجنائية .
ولكن كيف تتحقق شروط الدفاع الشرعي؟!
حرص المشرع اليمني كما حرص غيره من مشرعي الدول على عمل توازن بين مصلحة المعتدي والمعتدى عليه وترجيح مصلحة المعتدى عليه ، لان المعتدي باعتداءه على المعتدى عليه قد أهدر حقه في الحماية ليصبح بذلك فعل المعتدى عليه مباح بعد ان كان محرماً شرعاً ومجرماً قانوناً .
فهذا الاستثناء اخرجه المعتدي من الاصل باعتداءه.
وقبل الغوص في شروط الدفاع الشرعي يجب علينا ان نعلم انها وردت على سبيل التدرج اي اذا لم يتحقق الشرط الاول لايمكننا ان نسلم بتحقق الشرط الثاني وهكذا حتى نكمل البحث في جميع شروط الدفاع الشرعي لانه *(مابني على باطل فهو باطل) .*
وشروط الدفاع الشرعي تضم فئتين فئة يجب ان تتحقق بفعل المعتدي وهما:( *حلول الخطر وعدم مشروعية الفعل* ) وبتحققهما يمكننا ان نبحث في شروط الفئة الثانية والتي يجب ان تتحقق بفعل المعتدى عليه وتضم شرطين كذلك وهما: *(اللزوم والتناسب)*
واذا تحققت الفئة الاولى بشروطها ولم تتحقق الفئة الثانية ،فإن ذلك لايحول دون قيام حالة الدفاع الشرعي وانما يحول دون اباحة فعل رد  المعتدى عليه الموجه ضد فعل المعتدي لمخالفته للشروط.
ذلك كان باختصار مفهوم الدفاع الشرعي .
ولكن هل انتهى الحديث؟!
بالتأكيد  لا . ....لانه يجب علينا ايضاح الضوابط التي تحقق شروط الدفاع الشرعي والتي في حالة انتفائها تُنتفى الشروط وبالتالي انتفاء الدفاع الشرعي.
والحكم بوجود حالة دفاع شرعي من عدمه تختص بها محكمة الموضوع لامعقب عليها في ذلك ،وهذا ماأرسته المحكمة العليا في الطعن بالنقض رقم (20508)لسنة 1425ه‍ الموافق 2004/12/13م ،والطعن بالنقض رقم (12440) لسنة1423‍ ه‍  الموافق 2003/6/3م ،ومبادئ أخرى تعزز السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع من خلال تحققها من توفر شروط الدفاع الشرعي من عدمه .‍
وعليه فأول شرط يمكن من خلاله التنبؤ بحالة دفاع شرعي هو شرط حلول الخطر والذي يعد وضع ينذر بوشوك وقوع اعتداء بوقت لايستطيع المعتدى عليه تفاديه الا عن طريق الدفاع .
وللخطر شرطان يفهمان مماسبق وهما:ان لايكون قد وقع الفعل ،ويمكن التنبؤ بوقوع الخطر من خلال الفعل المادي للمعتدي(خاضع لتقدير محكمة الموضوع) ،كذلك يجب ان لا يكون الخطر متعلقاًبالمستقبل( *ليس احتمالي*)لان لو كان كذلك فإن المعتدى عليه يستطيع دفعه عبر اللجوء للسلطات العامة وطلب الحماية .
فالخطر الموجب للدفاع الشرعي هو:حالة واقعيه لها كيان مادي ومعنوي تنبئ باحتمال حدوث جريمة في حالة لو تُرك المعتدي دون صد او مقاومة.
وقد يكون *الخطر متتابع* اي مكون من عدة افعال صادرة من المعتدي، في هذه الحالة لاتكون حالة الدفاع الا في الخطر الذي ينطبق عليه ماسبق الحديث عنه .
ففي حالة ما اذا وقع احدها وانتهى وكان الآخر على وشك الوقوع يتيبن لنا ان في الحالة الاولى الخطر اصبح واقعاً ولم يعد حال ورد المعتدى عليه لم يعد دفاع بل انتقام  لانه كان بإمكانه اللجوء للسلطات لا ان يمارس اختصاصها في ايقاع العقوبة ،اما في الحالة الثانية رد المعتدى عليه يُعد دفاع شرعي لان الخطر حال ولم يقع بعد.
ولكن قد يتوهم شخص ما وجود خطر موجه نحوه من قبل شخص آخر اي ان هذا الخطر من مخيلة وتوهم الشخص ولا اساس له في الواقع ( *خطر وهمي* ) ،في هذه الحالة لايعدو الا ان يكون غلط في الاباحة.
مع التنبيه ان المادة( *28* )من القانون السابق عندما اباحت الدفاع الشرعي ونصت على:(.......اذا قصد به دفع فعل يتخوف منه وقوع جريمة...) ،قصدت التخوف في نتيجة الخطر لاتخوف وتوهم الخطر الذي لايكون واقعياً بل في مخيلة المعتدي .
وعليه فإن انجرار الشخص بتصرف ضد الآخر معتقداً بأنه في حالة دفاع لخطر متوهم لا واقعياًيكون تصرف الشخص اعتقاد خاطىء ينفي توافر القصد الجنائي وينطبق عليه الخطأ في الواقع وفق المادة (37)من قانون الجرائم والعقوبات.
وقد تنفي الخطأ غير العمدي اذا كان قائم على اسباب معقولة ،وهذه الاسباب تخضع لسلطة القاضي التقديرية. *مثل* /لو قام محمد بتنظيف السلاح وهو مصوب تجاه احمد وقام احمد بالاعتداء على محمد متوهماً انه في حالة دفاع لان محمد قصد قتله رغم ان محمد لم يقصد ،ولكن قام احمد بتبرير فعله بأسباب معقولة مايجعله في موقف دفاع شرعي وهذه الاسباب مثل قوله"ان محمد سبق وهدده بالانتقام لعداوة ثأر سابقة بين قبيلته وقبيلة محمد" .
ولكن ان سقطت المسئولية الجنائية فإن المدنية( *التعويض* ) لاتسقط .
وبعد توافر ماسبق يكون شرط الخطر الحال قد تحقق  ،ولكن لابد ان يكون هذا الخطر نتيجة فعل غير مشروع وهذا هو الشرط الثاني لنسلم بوجود فعل اعتداء يستوجب الرد والدفاع من قبل المعتدى عليه ،وهذا الفعل الغير مشروع يجب ان يكون خاضع لنص تجريم وغير خاضع لسبب اباحة .
ولكن هل استلزم المشرع ان يكون المعتدي بالغاً عاقلاً مسئولاً عما يصدر عنه من افعال؟!
الحقيقة ان الاعتداء من عاقل ام دون ذلك يحمل نفس النتيجة الاجرامية ويلحق أذى بالمعتدى عليه ،وبالتالي لاعبرة بالشخص المعتدي سواء كان مجنوناً او عاقلاً بالغاً ام طفلاً الا ان المجنون او الطفل اذا صدر منه الاعتداء فإن المسئولية الجنائية تمنع عنه، لوجود خلل في قواه الذهنية والعقلية .
كما يجب الاخذ بالاعتبار ان الدفاع الشرعي لايقوم ضد من يستعمل سلطة مخولة له بموجب القانون ،فلايصح مقاومة كل من يؤدي واجب مفروض عليه كمأمور الضبط القضائي المكلف بالقبض على شخص او تفتيش منزله ولكن دون تجاوز لحدود السلطة المخولة والغرض من الاذن حتى لانكون بصدد  دفاع شرعي من قبل الشخص المطلوب القبض عليه او تفتيش منزله.
وبعد ان يتحقق ماسبق كما سبق توضيحه (شروط فعل الاعتداء) عندها نكون في حالة دفاع شرعي ولنا ان نشير بإضاءة الضوء الاخضر  للبحث عن شروط فعل الرد -الدفاع الشرعي- وهما( *اللزوم والتناسب).*
ولكن ماهي الضوابط التي بتحققها يتحققان الشرطان السابقان ليمكننا القول بتحقق الشروط في فعل المعتدى عليه  عند رد او دفع فعل المعتدي ؟!

كل ذلك سنتعمق فيه في الجزء الثاني للموضوع ..

           وللحديث بقية ....

يمكنكم متابعة صفحتنا على Facebook *العدل مطلبنا* ⚖

◼باحثة قانونية
yemenilawyer12345@gmail.com
*لست مجرماً* ......(2)

▪بقلم✍🏻/نسمة عبدالحق النجار.

1/يوليو/2019م.
28/شوال/1440ه‍.

بعد ان اكملنا الحديث في منشورنا السابق عن شروط فعل المعتدي اصبح بإمكاننا البحث عن شروط فعل المعتدى عليه عند  صد ورد العدوان الصادر من المعتدي.
ويتمثل ذلك
بشرطين هما *(اللزوم والتناسب) .*
فاللزوم يقصد به :ان يكون فعل الرد الصادر من المعتدى عليه الوسيلة المناسبة  اي انه لايوجد وسائل اخرى لصد العدوان وان وجد فلا تكون الوسيلة اللازمة الا وسيلة وحيدة هي التي تدفع الخطر الحال بالقدر اللازم لدفعه  ومادونها من وسائل تُعد غير لازمة.
فقد نصت المادة (27)من قانون الجرائم والعقوبات اليمني على شرط اللزوم اذ جاء فيها:(....وكان من المتعذر عليه الالتجاء الى السلطات العامة لاتقاء هذا الخطر في الوقت المناسب...).
فاللزوم نتيجة منطقية لشرط حلول الخطر فإنتفاء حلول الخطر ينفي شرط اللزوم اي ان شرط اللزوم يدور وجوداً وعدماً مع شرط حلول الخطر.
ويذهب بعض الشُراح الى القول بوجود بعض الحالات  التي يكون فيها الخطر حال ولكن لا تتوافر صفة اللزوم فيها.
خلاصتها ان الشخص المعتدى عليه قد يستطيع التخلص من الخطر الحال بالهروب ولكنه لم يفعل فما مسئوليته؟!
يؤكد  الشُراح انه ليس من العدل الزام المعتدى عليه بالهروب وهو البريء لنحافظ على سلامة المعتدي المذنب .
وهذا المسلك يتوافق مع العقل والمنطق والعدالة ولو سلمنا  بغير ذلك فإننا سنفتح المجال لتمادي المعتدي باعتداءه بحجة ان الوسيلة اللازمة للمعتدى عليه كانت الهروب وعدم هروب المعتدى عليه يعد
تجاوز لحدود الدفاع الشرعي .
ولان الهروب اصلاً لن يرضى به المعتدى عليه لما يعكس   من صفات الذل والجبن والخوف .
*وعليه* ...
اذا وجد المعتدى عليه  وسيلتين لرد او دفع اعتداء المعتدي احداهما الهروب وفضل الوسيلة الاخرى  فهنا مازال المعتدى عليه في حدود الدفاع الشرعي رغم توفر وسيلة الهروب للخلاص من الخطر وذلك للاسباب السالفة الذكر.
ولكن يختلف الحال ما اذا كان  المعتدي مجنوناً او طفلاً ففي هذه الحالة الهروب هي الوسيلة اللازمه لرد الخطر وعدم لجوء المعتدى عليه لها يفقده شرط اللزوم ويصبح عندها متجاوزاً لحدود الدفاع الشرعي .
وذلك لان الهروب من الطفل او المجنون لايعكس الجبن اوالذل اوالخوف ولوجود خلل وقصورفي عقل المعتدي ولذلك لايتعرض للمساءلة الجنائية.
ومع ذلك قد يصبح  الهروب وسيلة غير لازمة في مواجهة المعتدي المختل عقلياً وذلك في حالة ماذا كان لايمكن دفع الاعتداء بوسيلة الهروب بل بوسيلة اخرى مناسبه ،كما لو صدر الاعتداء من مجنون وضع يده على السلاح ...فهروب المعتدى عليه لن يوقف خطر المعتدي الامر الذي يتطلب الصد او المقاومة كوسيلة لازمة وبديله عن الهروب لدفع خطر حال يُنبئ بحدوث جريمة لو تُرك دون صد او مقاومة.
كما ان الخطر الحال قد يشتمل على  مصدر مباشر ومصدر غير مباشر عندها يجب ان يوجه فعل الدفاع ضد المصدر المباشر الصادر منه الخطر الحال الحقيقي.
وان وجه للمصدر غير المباشر يكون المعتدى عليه قد تجاوز حدود الدفاع الشرعي.

وصلنا أخيراً للشرط الثاني الواجب توافره في فعل الدفاع الصادر من المعتدى عليه والذي بتحققه لنا التسليم المطلق بوجود حالة الدفاع الشرعي الا وهو: التناسب والذي دائماً ما تقف عنده محكمة الموضوع للتحري من وجود حالة دفاع شرعي ام تم التجاور فهو الشرط الفاصل .
ومقتضى هذا الشرط ان فعل الدفاع يجب ان يكون متناسباً مع الخطر فلا بد ان يكون بالقدر الضروري لصد الخطر فإن كان اشد فقد تجاوز حدود الدفاع والإباحة.
و قد تضمنته المادة(27)من القانون السابق اذ جاء فيها :(..ويجوز للمدافع عندئذ ان يدفع الخطر بمايلزم لرده وبالوسيلة المناسبة...).
ومناسبة الوسيلة لايعني تماثلها مع وسيلة العدوان بل يجب ان تكون بالقدر المناسب واللازم لصد العدوان بدون افراط او تفريط لتتحقق الحكمة من تشريع واباحةالدفاع الشرعي .
ويراعى في ذلك ظروف كل واقعة بملابساتها لتحديد ما اذا كانت الوسيلة مناسبة ام لم تكن كذلك .
ويؤخذ  قاضي الموضوع بالاعتبار حالة المدافع النفسية وقواه البدنية والظروف التي احاطت به.
ونشير هنا ان شرط التناسب خاضع لتقدير محكمة الموضوع ماعدا الحالات الواقع الاعتداء فيها على النفس والمال والتي حددها المشرع في المادتين(28/29) من القانون السابق والذي قيد فيها من سلطة قاضي الموضوع وجعل من القتل وسيلة مناسبة لصد الاعتداء لجسامة فعل المعتدي  ولغلبة الظن بلزوم وتناسب القتل في تلك الحالات بشرط توفر اسباب معقولة وقرائن قوية.

*ولكني اختلف مع المشرع* كما اختلف معه شُراح القانون  ونطالب بتعديل نص المادة (28/2) والتي ذهب فيها  بإباحة  الدفاع الشرعي عن العرض حتى لو وصل للقتل بشرط ان تكون جريمة الاعتداء على العرض واقعة على عرض المدافع او زوجته اواي محرم له.
اما اذا كان في مواجهة اعتداء على عرض الغير فاباح الدفاع بشرط ان لايصل لقتل المعتدي والا تعرض الشخص للمساءلة الجنائية .
وهذا المسلك لم يكن صائباً وموفقاً لأنه يترك ثغرة يستغلها  ضعاف النفوس عند الاعتداء على عرض الغير او احد محارمه بل قد يستغل غياب الغير للاعتداء على محارمه.
فيقدم على فعله وهو بحوزته  سلاح لتهديد  كل من يستجيب لنداء استغاثة  الغير  او احد محارمه .
عندها يظل المستغاث به في تردد وحيره من امره هل يقوم بواجبه الديني الذي يحتم عليه الاستجابة لنداء الاستغاثة ام الاحجام عن ذلك خوفاً من ان يقع في تجاوز للدفاع الشرعي من وجهة نظر المشرع  والذي قد يؤدي لقتل المعتدي الذي بطبيعة الحال سيقاوم وعندها سيخضع المستجيب  للمساءلة الجنائية.
بل قد  يلبي الشخص نداء الاستغاثة ويقصر في الدفاع عن نفسه او عرض الغير او احد محارمه مايؤدي لوقوعه ضحيه سهلة على يد المعتدي الذي سيتمسك بنص المادة معللاً ان  المعتدى عليه  قد تجاوز لحدود الدفاع الشرعي .

وذلك *ليس عدلاً* فكيف نحافظ على حياة المعتدي المرتكب لفعل شنيع ونلزم الغير بعدم قتله بل ونهدده بالمساءلة الجنائية عند مخالفة النص الظالم البعيد كل البعد عن الدين والعقل والمنطق والعدالة التي تقتضي اهدار دم المعتدي الذي اهدر دمه هو بنفسه باعتداءه المشين !!!!!!
ولذلك فاننا نهيب من مشرعنا تعديل نص المادة فلا يجب عليه إحباط وتثبيط الناس عن قيامهم بواجبهم الديني الذي يثاب فاعله ويعاقب تاركه والذي يعد من شيم العرب المسلمين .
بل والغريب كيف نص المشرع على ذلك وهو الذي نص في الدستور في المادة الثالثه مانصه:[الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات]؟!!.

الى هنا نكون قد انتهينا من الحديث عن شروط فعل المعتدى عليه وعند تحققها يكون الدفاع الشرعي قد تحقق ولا يتعرض صاحبه للمساءلة الجنائية ولا يتوجب عليه القصاص او الدية او الارش.

ولكن تثار مسألة في غاية الاهمية ،،،،،

فبطبيعة الحال ان فعل المعتدي العدواني تجاه المعتدى عليه يثير اندفاع وتهور المدافع الذي لايفكر سوى بصد العدوان ولايجد وقت للبحث عن التناسب واللزوم ناهيك عن احتمال جهله بهذين الشرطين .
فيؤدي فعله ودفاعه لنتيجة لم يتوقعها .
فهل يُعد ذلك تجاوزاً حتى وان دلت ظروف الحال  على عدم قصد المدافع النتيجة والتي قد تكون القتل؟!!
  كيف فسرت هذه الحالة المحكمة العُليا وهل راعت تهور واندفاع المدافع نتيجة لمباغتة المعتدي له بفعله الحال والمفاجئ ما ادى لعدم التناسب او اللزوم  ام اعتبرت ذلك تجاوزاً لحدود الدفاع مايجعل المعتدي في موقف الدفاع بعد ان كان في موقف الهجوم؟!
نصت المحكمة العليا في الطعن بالنقض رقم(407) لسنة 1421ه‍  الموافق 2000/9/14م  على مبدأ مفاده ان التهور والاندفاع من قبل المجني عليه(المعتدى عليه) لايُعتبر مبرراً للقتل .
وهذا المبدأ يرى اكثر الشُراح انه اهدر الحكمة من الدفاع الشرعي والتي يكون المعتدى عليه  في حالة اندفاع تلقائية كنتيجة طبيعية لمواجهة الخطر الحال الذي  لايفصل بين وقوعه سواء ثواني معدودات الامر الذي يؤدي لنتيجة قد لايتوقعها المدافع  الذي لايجد الوقت لتمالك نفسه ليحرص على البحث عن الوسيلة اللازمة ومراعاة للتناسب .
لذلك وتفادياً لنتيجة المبدأ السابق يلزم المعتدى عليه تمالك نفسه قدر المستطاع وله ان يستدل بقرائن قوية تساعده في تبرير تجاوزه لحدود الدفاع وان كان من الصعب ذلك بل ان صح التعبير من المستحيل .

*ولكن* ....
كيف يتم اثبات الدفاع الشرعي وكذلك تجاوزه ومن الملزم بالاثبات في كلا الحالتين؟!

الاجابة عن تلك التساؤلات  هي محور حديثنا في الجزء الثالث للموضوع...

وللحديث بقية.....

*لست مجرماً* ......(3)

بقلم✍🏻/نسمة عبدالحق النجار.
3/يوليو/2019م.
30 /شوال/1440ه‍.

تحدثنا في المنشورين السابقين عن الضوابط التي تحقق شروط الدفاع الشرعي وبالتالي تحققها.
مما يتبين لنا ان هذه الشروط  يجب ان تتوفر جميعها مجتمعه حتى نجزم بوجود دفاع شرعي .
وان اختلال اي شرط يؤدي بعدم التسليم بالشرط الآخر وعندها لا تتحقق حالة الدفاع الشرعي .
ويبقى السؤال بعد كل ذلك
كيف تثبت حالة الدفاع الشرعي وعلى من يقع عبء الاثبات ؟!
ذهبت المحكمة العليا في الطعن رقم (129) لسنة 1419ه‍  الى تقرير مبدأ بشأن الدفاع الشرعي مانصه:(من يدعي الدفاع الشرعي هو الملزم بالاثبات).
وكذلك عملاً بالقاعدة العامة على المدعي البينة .
وفي الدفاع الشرعي المدعي هو المعتدى عليه .
فالمدافع هو من يقع عليه عبء اثبات الدفاع الشرعي وهذا الاثبات والادعاء يهدم قرينة البراءة والتي تعد الاصل في الشخص.
ولاتقوم دعوى الدفاع الشرعي الا بعد نسبة فعل الدفاع للمدافع الذي يحاول جاهداً اثبات الدفاع ليتخلص من التهمة الموجهة اليه من قبل المعتدي وبالتالي التخلص من المساءلة الجنائية .
وللمدافع ان يقدم دليل على صدق دعواه ،الامر الذي يثير صعوبة كون شروط الدفاع ذو طبيعة موضوعية .

وبعد ان تثبث دعوى الدفاع التي تعد الاساس لإقامة دعوى التجاوز  يكون عبء اثبات الدعوى الاخيرة  على المعتدي الاصلي الذي يدعي انه  اصبح معتدى عليه لتجاوز المدافع حدود الدفاع الشرعي .
وظروف كل واقعة تخضع لتقدير القاضي الموضوعي ومدى اقتناعه بأي دليل  يثبت صدق الادعاء سواء في دعوى الدفاع او دعوى التجاوز .
وهذا مانصت عليه المحكمة العليا في الطعن رقم (20185) لسنة 1425ه‍  الموافق 2004/11/29م .
وعليه ....
فإننا نستنتج ان دعوى الدفاع تكون من المدافع او من يقوم مقامه بعد اتهامه بالعدوان ،ودعوى التجاوز تكون من المعتدي الاصلي او من يقوم مقامه ولا تكون الا بعد الاقرار بثبوت العدوان المبرر لفعل الدفاع(دعوى الدفاع).

*ولكن* ،،،،
بعد اثبات التجاوز من قبل المعتدي الاصلي الذي اصبح معتدى عليه لتجاوز المدافع حدود الدفاع الشرعي ..ماحكم هذا التجاوز وكيف نظمه المشرع اليمني؟!

نصت المادة(30) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني على حالات التجاوز وحكمها صراحةً وضمناً وان كان من الافضل النص صراحةً على كل الحالات لقطع اي تأويلات .
اذ جاء في نص المادة السابقة:(اذا تجاوز الشخص بإهمال حدود الاباحة او الضرورة او الدفاع الشرعي
يعاقب على هذا التجاوز اذا كان القانون يجرمه بوصفه جريمة غير عمدية).

وعلى ضوء ذلك النص نستنتج ان  المدافع المتجاوز حدود الدفاع الشرعي يكون مجرماً وبالتالي  يستحق العقاب.
ومسئولية المتجاوز تحدد حسب كل حالة .
فإذا كان التجاوز عمداً اي ان المعتدى عليه استغل حالة الدفاع فإن مسئوليته لن تقف عند حد الخطأ غير العمدي  وظروف الواقعة تحدد ذلك .
اما اذا كان التجاوز قد وقع بسبب سؤ تقدير الموقف اي لم يدرك المعتدى عليه جسامة الموقف او ادرك ولكن لم يستطع ضبط نفسه دون ان يرغب بتحقق الاثر الجسيم على المعتدي عندها تكون مسئولية المعتدى عليه مسئولية غير عمدية وهذه الصورة تنطبق على النص السابق الذي جاء فيه (.......تجاوز بإهمال...) ولا يبرر للمعتدى عليه تهوره واندفاعه نتيجة لفعل المعتدي وسبق الحديث عن ذلك واتجاه المحكمة العليا في المنشور السابق لذلك لن افصل في ذلك تجنباً للتكرار.
واخيراً قد يقع التجاوز دون عمد ودون خطأ   اي ان تصرف المعتدى عليه يتصرفه اي شخص شديد الحرص .
وفي هذه الحالة لا مسئولية جنائية عليه لانتفاء القصد الجنائي لعدم توفر الركن المعنوي للجريمة ولا يكون عليه الا المسئولية المدنية (التعويض) والذي يكون في الاصابات الواقعة على الاشخاص هو الديات او الاروش وفي الاصابات الواقعة على الاموال التزام بقيمتها.
ويظل مع ذلك التجاوز في الحالة الاخيرة  غير مباح.

تلك كانت القواعد العامة والشروط التي ينبغي تحققها لنسلم بحالة دفاع شرعي مالم فنحن بصدد تجاوز.

*ولكن* ....

قد تتحقق شروط الدفاع ومع ذلك تتوفر ظروف في الواقعة فتحرف المسار الى مالا يتوقعه المعتدى عليه الذي عندها يتحول لمجرم يستوجب الحكم عليه بالقصاص ان كانت النتيجة هي قتل المعتدي ..
كيف ذلك وهل يعد ذلك عدلاً ؟!

هذا السؤال هو محور نقاشنا في المنشور القادم.

يمكنكم متابعة صفحتنا  علىFacebook *العدل مطلبنا* ⚖

◼باحثة قانونية
yemenilawyer12345@gmail.com
يمكنكم متابعة صفحتنا على Facebook *العدل مطلبنا* ⚖

◼باحثة قانونية
yemenilawyer12345@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق