الاثنين، 2 يناير 2023

شرح قانون الإجراءات اليمني

 

شرح قانون الاجراءات الجزائية

الفصل الثالث

الإثبات الجزائي

-       الاثبات هو اقامة الدليل على حقيقة واقعة ذات اهمية قانونية وذلك بالطرق التي حددها القانون .

موضوع الاثبات هو الوقائع وليس القانون فلا يلزم اطراف الدعوى اثبات حكم القانون في الواقعة المسندة الى المتهم أو في شأن مسئوليته عنها إذ الفرض أن القاضي يعلم بذلك وهو في تفسيره للقانون يخضع لرقابة المحكمة العليا .

نظم الاثبات الجزائي:

1- الادلة القانونية وهي التي عينها القانون وحدد قوتها الثبوتية سلفا وقد كان الاعتراف سيد الادلة .

2- نظام الاقتناع القضائي : يملك القاضي فيه حق تقدير الادلة تقديرا ينبع من صميم وجدانه فلا يحكم الا بما يرتاح اليه ويطمئن ضميره دون ان يقيده القانون بوسائل معينة أو يوجب عليه ان يصل الى الحقيقة عن طريقها وحدها.

3- نظام الادلة العلمية :

-       وتقوم على الاساليب الفنية التي كشف عنها العلم الحديث في اثبات الجريمة ونسبتها الى المتهم ويعطي هذا النظام الدور الرئيسي للخبير ونشأت المختبرات الجنائية .والاستفادة من اهل العلم والطب والكيمياء .وفيه تكون اهم الادلة القرائن التي تخضع للفحص العلمي الدقيق ويستخرج منها في صورة قاطعة ما يثبت الادانة أو البراءة . ولا يزال هذا النظام يعمل بجانب نظام الاقتناع القضائي .

-       الادلة المباشرة : حيث يستمد القاضي قناعته مما يطلع عليه وبعلمه شخصيا كالمعاينة والكشف على موقع الجريمة .

-       الادلة غير المباشرة : وهي التي يستمد القاضي قناعته مما يطلع عليه سواه ويرويه له وهو يحتمل الصدق والكذب وعلى القاضي ان يفحص هذه الادلة ويدققها ليميز بين الصحيح وغيره قبل اعتمادها ومن أمثلتها (القرائن والاثار وشهادة الشهود .

-       مشروعية الادلة الجزائية

-       (322) اجراءات (لا يجوز اثبات أي واقعة ترتب مسئوليه جزائية على أي شخص الا عن طريق الادلة الجائزة قانونا , وبالإجراءات المقررة قانونا ).

-       بمعنى ان مشروعية الادلة الجزائية تجمل على معنيين :

-       الاول : لا تثبت الادانة الا بالأدلة الجائزة قانونا .

الثاني: ان يتم اقامة الدليل بالإجراءات المقررة قانونا .

-       ادلة الاثبات في المواد الجزائية :

1.   في جرائم الحدود والقصاص (الاقرار . الشهادة . القسامة )

2.   في جرائم التعزير يجوز اثباتها بمختلف الادلة واوردها المشرع على سبيل المثال وليس الحصر في المادة (323) اجراءات (تعد من ادلة الاثبات في الدعوى الجزائية ) ولا يقيد القاضي سوى توافر الشروط والاركان القانونية للدليل والاجراءات القانونية في كيفية الحصول على الدليل .

-       توافر المفترضات والشروط القانونية للدليل :

وهي الشروط والاركان التي تطلبها قانون الاثبات في الدليل ومن ذلك ( شروط الاعتراف – وشروط الشهادة من حيث العدد أو العدالة – وشروط المستندات )

كما يقصد بالشروط التي يتعين توافرها في الدليل في مرحلة البحث والتنقيب عن الادلة كـ ( شروط التفتيش وشروطها الموضوعية والشكلية وشروط التنفيذ)

-       مشروعية الاجراء في الحصول على الدليل :

يجب أن يكون طرق واسلوب الحصول عليه بالإجراءات القانونية . فالتفتيش الباطل والاعتراف بالإكراه أو التهديد أو الخداع .باطل .

-       يجب ان تكون الوسيلة العلمية اذا ما تم الاستعانة بها للحصول على الدليل مشروعة قانونا كالبصمات وفحص الدم أما الوسائل التي لم يقطع بجواز استخدامها القانون فلا يجوز الاعتماد عليها كـ ( التنويم المغناطيسي وتقليد الاصوات في المكالمات أو التسجيل في اماكن خاصة .

-        ملحوظة : القضاء المصري حدد مشروعية الإجراء في الحصول على دليل للجريمة . أما ادلة البراءة فلا يشترط ان يكون الحصول عليه بالطرق المشروعة .

 

المبادئ العامة في الاثبات

-       (321) اجراءات حددت المبادئ العامة :

1.   لا ادانة الا بناء على ادلة .

2.   تقدير الادلة يكون وفقا لاقتناع المحكمة في ضوء مبدأ تكامل الادلة فلا يتمتع دليل بقوة مسبقة .

3.   يقع عبء اثبات الواقعة على المدعي بقيامها .

وتتمثل المبادئ العامة في الاثبات :

1: الاقتناع القضائي . 2: عبء الاثبات . 3: قرينة البراءة .

 

-       الاقتناع القضائي (ماهيته – حكمته – نطاقه – النتائج المترتبة عليه )

  قررت المادة (321/2) اجراءات أن تقدير الادلة يكون وفقا لقناعة المحكمة في ضوء مبدأ تكامل الادلة فلا يتمتع دليل بقوة مسبقة في الاثبات .

-       ماهية المبدأ :

يعني ان للقاضي أن يقبل كل الادلة المقدمة اليه من جميع اطراف الدعوى فلا وجود لأدلة يحظر عليه القانون مقدما قبولها وله ان يستبعد أي دليل لا يطمئن اليه فلا ادلة مفروضة عليه قبولها فله السلطة التقديرية الكاملة في وزن كل دليل على حده وله في النهاية سلطة التنسيق بين الادلة التي قدمت اليه واستخلاص نتيجة منطقية من هذه الادلة مجتمعة ومتساندة تتمثل في تقرير الادانة أو البراءة .

وقد قررت المادة (431) اجراءات ان المحكمة العليا لا تمتد مراقبتها الى حقيقة الوقائع التي اقتنعت بها المحكمة مصدرة الحكم ولا الى قيمة الادلة التي عولت عليها في الاثبات الا في الحالات التي نص عليها القانون .

ومبدأ قناعة القاضي لا يعني تحكم القاضي فلا يجوز للقاضي الحكم وفق لهواه أو لمحض عاطفته أو يعتمد على اسلوب تفكير بدائي . وانما هو ملزم بتحري المنطق الدقيق في تفكيره الذي قاده اليه اقتناعه . واذا كانت المحكمة العليا لا تراقب محكمة الموضوع في تكوين قناعتها فإنها من غير شك لا تقرها على رأيها اذا تبين لها أن تفكيرها قد جافي المنطق أو اخل بالأصول المسلم بها في الاستدلال القضائي .

-       حكمة تقرير المبدأ :

يقف وراء تقرير مبدأ الاقتناع القضائي عدة اعتبارات منها :

1.   انه يتفق مع اسلوب التفكير العادي والمنطقي في الحياة , وفي البحث العلمي . اذ لا يقيد الناس بتفكيرهم بأدلة معينة وانما يستقون الحقيقة من أي دليل . وقد ساعد ظهور هذا المبدأ ظهور الادلة العلمية وتقدمها كالطب الشرعي والتحاليل وتحقيق الشخصية وهي بطبيعتها لا تخضع القاضي لأي قيود بشأنها وانما يترك تقديرها لقناعة القاضي التي يطمئن اليها وخصوصا وانها قد تتعارض مع باقي ادلة الدعوى الاخرى . وتطبيق هذا المبدأ يكفل ان لا تبتعد الحقيقة القضائية عن الحقيقة الواقعية . اذ يجد القاضي نفسه طليقا فيصل الى قضاء يطابق الحقيقة الواقعية قدر ما يسمح به التفكير البشري .

2.   ويدعم مبدأ الاقتناع القضائي أن الاثبات في الدعوى الجزائية يرد على الوقائع ولا يرد على التصرفات القانونية . والقاعدة ان تقييد الاثبات لا يتصور الا حينما يرد على التصرفات , اما اثبات الوقائع فيتم بكل الادلة .

3.    المجرمون لا يعملون في العلن ولا يعلنون عما ينوون الاقدام عليه , وتقتضي مصلحة المجتمع أن يتم مكافحة الاجرام بكل والوسائل الممكنة وكل ذلك يتطلب ان يخول للقضاء اثبات الجريمة والخطورة الاجرامية بكل طرق الاثبات المشروعة.

-       نطاق تطبيق مبدأ قناعة القاضي :

مبدأ الاقتناع القضائي ليس مطلقا في كل الجرائم فلا يطبق على جرائم الحدود والقصاص , وانما يقتصر على بعض الجرائم فقط جرائم التعزير, وفي هذا النطاق يرد عليه بعض القيود , وهناك جرائم لا يسري عليها مبدأ الاقتناع القضائي وهي جرائم الحدود والقصاص , وانما تخضع لنظام قانونية الادلة , وهناك استثناءات .

قيود الاقتناع القضائي :

1.   أن يستمد القاضي قناعته من ادلة عرضت في المحكمة (367) اجراءات (يحكم القاضي في الدعوى بمقتضى العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته من خلال المحاكمة , ومع ذلك لا يجوز له ان يبني حكمه على أي دليل لم يطرح امامه في الجلسة ) بمعنى أنه يجب ان يكون اقتناع القاضي مبنيا على دليل وليس مجرد استدلالات أو شبهات كتحريات الشرطة أو سوابق المتهم , ويجب ان يكون الدليل قد طرح أمام القاضي في الجلسة بمعنى ان يكون الدليل مصدر في أوراق الدعوى فلا يجوز للقاضي ان يحكم بناء على معلوماته الشخصية أو بناء على ما رآه أو سمعه ينفسه في غير مجلس القضاء , ولكن يجوز له الاستناد الى معلومات عامة والافكار الثابتة علميا .

2.   ان يستمد القاضي اقتناعه من دليل مطابق للقانون أي أن يكون استخلاص الدليل وفقا للشروط القانونية , فإذا رتب القانون على مخالفة هذه الشروط البطلان وتجرد الدليل تبعا لذلك عن قوته القانونية , فلا يجوز للقاضي ان يعتمد عليه ويستمد منه اقتناعه , وتطبيقا لذلك لا يجوز الاعتماد على اعتراف انتزع بالإكراه أو الخداع كما لا يجوز الاعتماد على شهادة صبي غير مميز , أو على شهادة لم يحلف الشاهد قبل ادائها ,أو الاعتماد على معاينة لم يخطر بها اطراف الدعوى ولم يدعوا الر حضورها .

3.   التزام القاضي بتسبيب حكمه , أي يجب ان يكون الدليل الذي اعتمد عليه الحكم مؤديا الى ما رتبه عليه من نتائج في غير تعسف ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق , وقد اشترطت المادة (372) تسبيب الحكم وذلك بتحديد الادلة التي استمد منها اقتناعه حتى تستطيع المحكمة العليا ان تتحقق من اعتراف القانون بهذه المصادر , ولكن لا يلتزم القاضي ببيان الكيفية التي استمد بها اقتناعه وعن علة ذلك الاقتناع , فذلك يدخل في نطاق سلطة التقدير التي اعترف القانون بها له . أي أن قاضي الموضوع حرفي تقدير ادلة الدعوى الا انه يرد على ذلك قيود منها ان يدلل على صحة عقيدته في اسباب حكمه بأدلة تؤدي الى ما رتبه عليها لا يشوبها خطأ في الاستدلال أو تناقض او تخاذل .

 

-       الاستثناءات الواردة على مبدأ الاقتناع القضائي :

يقتصر نطاق تطبيق مبدأ الاقتناع القضائي في الاثبات وبالقيود المذكورة على جرائم التعزير . أما جرائم الحدود والقصاص فتخضع لنظام الادلة القانونية التي جاءت بها الشريعة الاسلامية ومقتضي نظام الادلة القانونية أن يتقيد القاضي في حكمه بالإدانة أو بالبراءة بأنواع معينة من الادلة , أو بعدد معين منها طبقا لما يرسمه التشريع المطبق دون أن يأبه في ذلك بمدى اقتناع القاضي بصحة الواقعة او عدم ثبوتها , ومن ذلك – مثلا – أن يستلزم عددا معينا من الشهود , أو أن يقيد القاضي بصفات خاصة فيهم كالذكورة , أو بلوغ سن معينة أو صفات خاصة في شهاداتهم كأن تكون شهادة رؤية لا سماع , مبنية على اليقين لا الترجيح , ومنصبة على نفس الواقعة موضوع الدعوى دون غيرها أو ان يتطلب من المتهم اعترافا لإمكان الحكم عليه بعقوبة معينة , أو بعدد آخر من الادلة . وأهم تلك الادلة _ الاقرار _ الشهادة _ القسامة .

النتائج المترتبة على مبدأ الاقتناع القضائي :

قررت المادة (322/2) اجراءات جزائية أن تقدير الأدلة يكون وفقا لاقتناع المحكمة في ضوء مبدأ تكامل الادلة فلا يتمتع دليل بقوة مسبقة في الاثبات . وهذا يعني ان المشرع قد رتب على مبدأ الاقتناع القضائي نتيجتان هما:

النتيجة الاولى مبدأ تكامل الأدلة بمعنى ان جميع الأدلة التي تقدم في الدعوى تكمل بعضها البعض , ويستمد القاضي اقتناعه منها مجتمعة , ومن ثم يتعين عليه التنسيق بينها ’ وإذا قام التناقض بينها كان هادما لها فإذا انصرف الخلل أو الفساد لأحدها فقد انصرف اليها جميعا , وصار الحكم المعتمد على مجموعة من الأدلة أحدها فاسد حكما باطلا , وإن كانت ثمة أدلة أخرى صحيحة يمكن أن يعتمد عليها , لأنه لا يعرف ما كان للدليل الفاسد من نصيب في تكوين اقتناع القاضي , فيجوز أنه كان له الدور الأساسي .

النتيجة الثانية مبدأ عدم وجود قوة مسبقة في الاثبات لأي دليل:  

يعني ان المشرع اطلق سلطة القاضي في قبول جميع الأدلة لإثبات أية واقعة ذات اهمية , لأنه  لا وجود لقوة مسبقة لأي دليل , وفقا للمادة 321/2 اجراءات , وبالتالي لا يحتج عليه بأن دليلا معينا لا يجوز له أن يستمد اقتناعه منه , ولا يجوز النعي عليه أنه استند على دليلا لم يقتنع به فذلك من مطلق سلطته ولا رقابة للمحكمة العليا عليه في ذلك , مادام استبعاده كان لأسباب قانونية أو منطقية معقولة .

الاستثناءات الخاصة الواردة على مبدأ عدم وجود قوة مسبقة في الاثبات لأي دليل :

1.   جرائم الحدود لا تثبت الا بنصاب معين من الشهود وبشروط معينة , أو باعتراف صريح من المتهم بهذه الجرائم .

2.   كما ان جريمة القتل العمد الموجبة للقصاص لا تثبت الا بدليل قطعي شهود رؤية , أو اعتراف من المتهم .

بمعني انه في هاتين الحالتين , اذا توافر النصاب القانوني للشهادة , وتوافرت في الشهود الشروط المتطلبة , أو صدر الاعتراف من قبل المتهم , وكان الاعتراف صريحا , ولم توجد شبهة في جرائم الحدود أو لم يلحق اعتراف المتهم في القتل أي شك , فإن الدليل تتوافر له القوة القانونية , يتعين على القاضي أن يحكم بأدلة المتهم بناء عليه , وإلا كان عليه أن يبين الأسباب التي على اساسها استبعد الدليل ولم يعتمد عليه بمعنى أن مبدأ الاقتناع القضائي ليس مبدأ تحكميا , وانما يخضع القاضي في تقديره لضوابط قانونية ومنطقية .

عبء الاثبات

نصت المادة 321/3 اجراءات على انه يقع عبء اثبات أية واقعة على المدعي بقيامها إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك .

وهذا يعني ان البينة على عاتق المدعي بقيام واقعة متصلة بالدعوى , سواء كانت الواقعة المدعى بقيامها من قبل النيابة العامة كجهة اتهام , أو كانت الواقعة المدعى بقيامها من قبل المتهم في معرض دفاعه وبيان عبء الاثبات الذي يتحمله كل منهما :

أولا : النيابة العامة :

تتحمل النيابة العامة عبء الاثبات , كما يحمله المدعي الشخصي , ويحمل عبء الاثبات المدعي المدني في حدود دعواه  وهذه القاعدة تطبيق لمبدأ عام هو البينة على من ادعى والتي صرحت بها المادة الثانية من قانون الاثبات , وسند القاعدة المنطق السليم الذي يقرر ان الاصل في الانسان البراءة سواء من الجريمة أو الالتزام , وعلى من يدعي خلاف ذلك الاصل أن يثبت ادعاءه .

    وفيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها الى المتهم , يتعين على النيابة العامة أن تثبت توافر أركانها أي تثبت جميع الوقائع المتطلبة لوقوعها ومسئولية المتهم عنها , ويشمل ذلك الركن المادي والركن المعنوي أيضا وأن تثبت انتفاء اسباب الاباحة , أي تثبت توافر الركن الشرعي للجريمة .

ثانيا : المتهم :

إذا اثبتت النيابة العامة والمدعي الشخصي توافر اركان الجريمة , ولكن المتهم دفع بتوافر سبب اباحة ( الدفاع الشرعي ,أو انعدام القصد أي الخطاء في ارتكاب الجريمة) فعليه اثبات دفاعه , لأنه ادعاء بما يخالف الوقائع الثابتة , ولكن إذا تأكدت النيابة من صحة دعوى فعليها اثباتها , لأن دور النيابة لا يقتصر على إثبات وقوع الجريمة وعلى نسبتها الى المتهم , وإنما يمتد إلى إثبات دفاع المتهم .

قرينة البراءة

قررت المادة 321/1 اجراءات أنه لا إدانة الابناء على ادلة .

والنص يقرر مبدأ قرينة البراءة   اتفاقا مع أن الاصل في الانسان البراءة

أولا: ماهية قرينة البراءة

يعني أن الأصل في المتهم البراءة من التهمة المنسوبة اليه ويبقى هذا الاصل حتى يثبت في صورة قاطعة وجازمة إدانته . ومؤدى ذلك أنه لا يجوز أن تبنى الادانة الا بناء على ادلة .أما إذا لم يقدم للقاضي الدليل القاطع على الادانة يتعين عليه الحكم بالبراءة . وهذا المبدأ من القواعد الاصولية المقرة في الشريعة الاسلامية والمعبر عنها بقاعدة درء الحدود بالشبهات . وقد وردت في المادة 47من الدستور والمادة 4 من قانون الاجراءات الجزائية. 

وفهم المبدأ على النحو المتقدم . يعني ان الادانة لا تبنى الا على الجزم واليقين , أما البراءة فيجوز ان تبنى على الشك , أي أن القاضي لا يحتاج في تقرير البراءة إلى دليلا قاطعا لبراءته ولكن يكفيه أن لا يكون ثمة دليل قطعي على الادانة .

ثانيا: سند قرينة البراءة :

السند القانوني لقرينة البراءة يتمثل في أن الاتهام يدعي خلاف الاصل وهو البراءة فإذا لم ينجح الاتهام في اثبات ادعائه اثباتا قاطعا تعين الابقاء على الاصل . كما أن الدعوى الجزائية تبدأ بشك في اسناد واقعة إلى المتهم , وأن هدف اجراءاتها التالية هو تحويل الشك إلى يقين , فإذا لم يتحقق ذلك بقي الشك , وهو . – عدالة – لا تكفي للإدانة . لأن الإدانة تبنى على اليقين .

ثالثا: خصائص قرينة البراءة :

أن اهم ما يميز قرينة البراءة أنها تقرر قاعدة قانونية الزامية للقاضي , وبالتالي يتعين عليه إعمالها كلما ثار لديه الشك في الادانة , فإذا خالفها واعتبر الواقعة محل الشك ثابتة , وقضى بالإدانة كان حكمه باطلا . ذلك لان الاحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال فإذا لم تنته المحكمة الى الجزم بنسبة الفعل الى المتهم , وجب عليها أن تقضي ببراءته لأن الشك يفسر دائما لمصلحة المتهم , كما نصت المادة 376 اجراءات جزائية بقولها إذا استبان للمحكمة أن الواقعة غير ثابتة تحكم ببراءة المتهم .

وتطبيقا لذلك فإنه إذا لم يكن حكم الإدانة بناء على الجزم واليقين وانما بناء على ترجيح ثبوت التهمة , فإن الحكم يكون – عندئذ – خطأ - , ويكفي هذا السبب للطعن في الحكم . والمقرر وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية أن الشك يفسر لصالح المتهم , ويعبر عن ذلك بمبدأ درء الحدود بالشبهات . ولكن قرينة البراءة لا تنفي السلطة التقديرية المقررة قانونا للقاضي , وفقا لمبدأ الاقتناع القضائي  فلا يجوز الطعن في تقدير القاضي  , وخاصة جرائم التعزير – في وصف الواقعة بالثبوت اليقيني أو الشك , ذلك لأن الاقتناع بيقين الدليل من عدمه من مطلقات سلطة القاضي , ولا رقابة للمحكمة العليا عليه في ذلك وتطبيقا لذلك فإنه يجوز للقاضي أن يبني الادانة على ترجيح احتمال على آخر , ولا يحتج عليه بأن هذا الترجيح يفترض الشك , مادام الاحتمال الذي رجحه قد أصبح لديه يقينا .

رابعا: النتائج المترتبة على قرينة البراءة :

نظرا لأن قرينة البراءة تتعلق بحريات وحقوق الانسان , فإن لهذا المبدأ نتائج هامة تتمثل في 1. ضرورة أن يبنى حكم الادانة على اليقين وأنه متى ثار الشك فيجب أن يفسر لصالح المتهم , ويتعين أن يحكم بالبراءة .

3.   لمبدأ قرينة البراءة أثر في تقرير بعض القواعد الاجرائية ففضلا عن ضرورة أن يبنى حكم الادانة على الجزم واليقين , فإن بعض قواعد قانون الاجراءات الجزائية مستمدة من هذا المبدأ, ومن أهم هذه القواعد التي استمدها المشرع منه :

أ‌.      قاعدة أن المتهم الذي يحكم ببراءته يفرج عنه في الحال , ولو استأنفت النيابة الحكم (472) اجراءات جزائية .

ب‌.  قاعدة أن طعن المتهم – دائما – يفيده ولا يضره (413/2) اجراءات جزائية .

ج. قاعدة أن طلب اعادة النظر في الاحكام الجزائية , يقتصر فقط على الاحكام الصادرة بتقرير العقوبة , دون تلك الأحكام الصادرة بالبراءة (457) اجراءات جزائية .

ملحوظة : المراجع المستند عليها .

"1" د محمد الفاضل , الوجيز في اصول المحاكمات الجزائية الجزء الاول , مطبعة جامعة دمشق الطبعة الثالثة 1385هـ- 1965م صـ422 وما بعده  وايضا : د محمود نجيب حسني  شرح قانون الاجراءات الجنائية  دار النهضة العربية  القاهرة الطبعة الثالثة 1995م  رقم 879  صـ 782 .

"3". أي اثبات عدم وجود حالة من الحالات التي ينعدم فيها  هذا الركن او يعلق او يوقف نفاذه. د محمد الفاضل . نفس المرجع 

"3"  الطعن رقم 129 لسنة 1419هـ , جلسة 24/ 10/1999م , القواعد القضائية , العدد الاول , الجزء الاول , قاعدة رقم27 صـ117.

"4" د محمد الفاضل نفس المرجع صـ431  . وايضا د محمود نجيب حسني  نفس المرجع رقم 882 صـ 787 .

"5"  كما اقر هذا المبدأ الاعلان العالمي لحقوق الانسان , حيث نصت المادة الحادية عشرة منه على ان " كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا الى ان تثبت ادانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه "

 

 

 

طرق الاثبات

نصت المادة 323 إجراءات جزائية  تعد من أدلة الاثبات في الدعوى الجزائية :

أ‌.      شهادة الشهود . ب. تقارير الخبراء . ج . اعتراف المتهم . د . المستندات بما فيها أية تقارير رسمية مرتبطة بشخصية المتهم أو وقائع الجريمة والقرائن الأخرى.

الأحكام المشتركة لطرق الاثبات :

بين المشرع الاحكام المشتركة لا ثبات الدعوى الجزائية في المواد (324 – 326 ) تحت عنوان المساواة في حق الاثبات , وتتمثل في – المساواة في الاثبات – وواجب المحكمة , ودورها في الكشف عن الحقيقة .

أولا: المساواة في حق الاثبات
نصت المادة (324) اجراءات جزائية على أنه   يتساوى جميع أطراف القضية في الحقوق والواجبات بما فيهم المتهم وممثل الدفاع والمدعي المدني والمسئول مدنيا , ولهم الحق في تقديم الأدلة ومناقشتها وطلب فحصها عن طريق الخبراء بعد موافقة المحكمة .

ثانيا : واجب المحكمة في حق الاثبات :

نصت المادة (325) اجراءات جزائية على أنه   على المحكمة أن تجيب على كافة  الطلبات المتعلقة بالإثبات في الواقعة المنظورة أمامها ما دام الدليل المطلوب اثباته يعاون على كشف الحقيقة , وعلى المحكمة أن تنبه الأطراف إلى حقهم في تقديم طلباتهم , فإذا قدم الطلب متأخرا جاز للمحكمة رفع الجلسة مؤقتا لتمكين كافة الاطراف من اعداد دفوعهم . بمعنى أن واجب المحكمة يتمثل في أمور ثلاثة :

1.   اجابة طلبات اطراف الدعوى المتعلقة بالإثبات , مادام أن الدليل يعاون في كشف الحقيقة , سواء من ناحية الادانة أو البراءة .

2.   أن تنبه الاطراف الى حقهم في تقديم طلباتهم المتعلقة بالإثبات , ومن مظاهر هذا الواجب الايعاز الى المتهم بالانتباه الى الادلة التي سترد بحقه , وأن له أن يقدم ما ينفيها , وأيضا أن تسأله هل هو معترف بالتهمة أو منكر لها , وإن انكر تستحثه على تقديم ما ينفي الاتهام عنه .

3.   أنه يجب إجابة الطلبات , ولو كان تقديمها قد جاء متأخرا , حيث يجب أن تستمر المحكمة في الاجابة للطلبات المتعلقة بالإثبات الى ما قبل قفل باب المرافعة . فقد نصت المادة (333) اجراءات جزائية  على انه   للمتهم ولغيره من الخصوم حتى قبل قفل باب المرافعة طلب سماع من يريد من الشهود أو اتخاذ أي إجراء آخر وللمحكمة أن تجيبه الى طلبه إذا رأت في ذلك فائدة ولها أن ترفضه إذا رأت فيه المماطلة أو الكيد أو التضليل .

ثالثا: الدور الايجابي للمحكمة الجزائية :

 يختلف دور المحكمة الجزائية عن دور المحكمة المدنية في مجال الاثبات فيقتصر دور المدنية على الموازنة بين الادلة المقدمة من الخصوم , فإن دور الجزائية يقتضي منها ان تبحث عن الحقيقة بكافة الطرق القانونية وتطبيقا لذلك فقد نصت المادة (326) اجراءات جزائية على أنه يجوز للمحكمة أثناء سير المحاكمة ولو لم يقدم لها طلب أن تقرر  من تلقاء نفسها  سماع شهود جدد أو ندب خبراء أو الاطلاع على مستندات وغير ذلك من الادلة . بمعنى أنه لا يجوز للمحكمة أن تقنع بفحص الادلة التي يقدمها اليها أطراف الدعوى , وانما يتعين عليها أن تتحرى بنفسها أدلة الدعوى وأن تستثير الاطراف إلى تقديم ادلتهم , ولذلك قيل أن المحكمة الجزائية تتحرى الحقيقة الموضوعية , أي الحقيقة في كل نطاقها وفي أدنى صورها الى الواقع .

على خلاف المحكمة المدنية حيث يقتصر دورها على فحص الادلة المقدمة من الاطراف فتبني عليها حكمها وتقف على الحياد . فقيل انها تتحرى الحقيقة الشكلية في حدود الصورة المقدمة من الاطراف .

وقيل بان توسع دور المحكمة الجزائية عن المحكمة المعنية في الاثبات بتحري الحقيقة الكاملة كون المدنية تنظر مصالح خاصة  فيقتصر دورها على الحياد وتحري الحقيقة الشكلية في الاثبات والبناء على ما ارتضى الاطراف عرضه من الادلة . واما الجزائية فتنظر دعوى تتعلق بالنظام العام مما يفرض على المحكمة تحري الحقيقة الموضوعية بأن تتخذ بنفسها دورا ايجابيا فيها .

وطبقا لذلك نصت المادة 332 اجراءات جزائية على أنه   للمحكمة أن تطلب قبل المحاكمة أو اثناءها أي شخص كان ولو بطريقة الاحضار وأن تصدر امرا لأي شخص بتقديم شيء في حيازته إذا كان في ذلك مصلحة ولها أن تأمر بضبط أي شخص يتعلق بالقضية أو يفيد في كشف الحقيقة وإذا قدم لها مستندات أو أي شيء آخر أثناء المحاكمة فلها أن تستبقيه حتى يتم الفصل في القضية ولا يجوز تسليمه الا بقرار .

وقررت الفقرة الثانية من المادة 328 اجراءات جزائية أنه  للمحكمة أثناء نظر الدعوى أن تستدعي وتسمع اقوال أي شخص , ولو بإصدار أمر بضبطه واحضاره إذا دعت الضرورة لذلك , ولها ان تأمر بتكليفه بالحضور في جلسة أخرى بواسطة محضري المحكمة أو رجال السلطة العامة .

خلاصة :

تفصيل طرق الاثبات :

طرق الاثبات التي تتم أثناء مرحلة المحاكمة قررتها المادة 324 إجراءات جزائية , بقولها تعد من أدلة الاثبات في الدعوى الجزائية ما يلي : أ. شهادة الشهود . ب. تقارير الخبراء . جـ. اعتراف المتهم . د . المستندات بما فيها أية تقارير رسمية مرتبطة بشخصية المتهم أو وقائع الجريمة والقرائن الأخرى .

ولمعرفة المبادئ الخاصة التي تحكمها في مرحلة المحاكمة لنتبين الفروق بين هذه القواعد وذلك كما يلاحظ – ايضا – أن قاضي الموضوع , وإن كان ملزما بإعادة تحقيق الدعوى من جديد , إلا أن ذلك يكون بالنسبة للأدلة التي يجد أن هناك أية جدوي من إعادة تحقيقها , دون تلك التي لا جدوي منها, مثل إعادة مناقشة شهود لم يشهدوا بشيء ذي قيمة في الدعوى , أو إعادة التفتيش وما قد يتبعه من ضبط الأشياء .ويلاحظ _ اخيرا _ أن المشرع منع القاضي من استجواب المتهم في مرحلة المحاكمة إلا بناء على قبوله , حيث قررت المادة 360 اجراءات جزائية أنه  لا يجوز للمحكمة أن تستجوب المتهم إلا إذا قبل ذلك .

الفرع الأول

الشهادة

الشهادة هي تقرير يصدر عن شخص في شأن واقعة عاينها بحاسة من حواسه . وقد عرفتها المادة26 من قانون الإثبات بأنها إخبار في مجلس القضاء من شخص بلفظ الشهادة لإثبات حق لغيره على غيره  . واشترطت المادة 25 من ذلك القانون أنه  لا يقبل في الجنايات شهود إلا ممن ثبت أنهم كانوا حاضرين في المكان الذي وقعت فيه الجناية مالم تكن الشهادة على اعترافات المتنازعين .   والشهادة على هذا النحو دليل مباشر , باعتبارها تنصب على الواقعة مباشرة , وهي دليل شفوي باعتبار أن الشاهد يخبر بشهادته أمام مجلس القضاء . كما نصت المادة 27 من قانون الاثبات على أنه يشترط في الشاهد أن يكون قد عاين المشهود به بنفسه إلا فيما يثبت بالسمع واللمس .

موضوع الشهادة وأهميتها

موضوع الشهادة :

موضوع الشهادة واقعة ذات اهمية قانونية , ولما كانت الشهادة في نطاق الدعوى الجزائية , فإن الواقعة موضوع الشهادة تستمد أهميتها من حيث دلالتها على وقوع الجريمة ونستبها إلى المتهم .ف

وبالتالي فلا يجوز للشاهد أن يبدي رأيه  في مسئولة المتهم أو خطورته أو مدى جدارته بالعقوبة  الا اذا كانت الشهادة في شأن سمعة المتهم فيجوز أذا قدر القاضي أن لذلك أهمية في تحديد خطورته الاجرامية , ان يذكر الشاهد الوقائع الاجرامية المتعددة للمتهم , ولكن لا يجوز أن يتضمن موضوعها حكم تقييمي .

أهمية الشهادة في الاثبات :

للشهادة في مجال الدعوى الجزائية أهمية كبيرة ذلك لأنها ترد على وقائع مادية والوسيلة العملية لإثبات هذه الوقائع هي الشهادة , ولذلك اعطى المشرع أهمية خاصة , حيث تعد وسيلة لإثبات أهم الجرائم و أخطرها  وهي جرائم الحدود والقصاص , وحتى تكون للشهادة قيمتها في الإثبات للوقائع حدد المشرع النصاب في الشهادة في المادة 45 من قانون الاثبات في الزنا اربعة وفي الحدود والقصاص رجلان وفي الاموال والحقوق الاخرى رجلان أو رجل و امرأتان ويجوز ان يقبل غير ذلك كشهادة المرأة فيما لا يطلع عليه الرجال وشهادة الصبيان بعضهم على بعض .

يتعين أن يتوافر في الشاهد الشروط المحددة في المادة 27/1 من قانون الاثبات ونصها يشترط في الشاهد ما يلي :

أ‌.      أن يكون بالغا عاقلا مختارا عدلا .

ب‌.  أن يكون قد عاين المشهود به بنفسه الا فيما يثبت بالسمع واللمس ويستثنى ...الخ

جـ . أن لا يكون مجلودا في حد أو مجروحا في عدالة ...الخ

د. أن لا يجر لنفسه نفعا أو يدفع عنها ضررا .

هـ . أن لا يكون خصما للمشهود عليه .

و. أن لا يشهد على فعل نفسه مع مضنة التهمة .

ز. أن يكون عالما بالمشهود به ذاكرا له وقت الأداء .

ولعدم ورود هذه الشروط في قانون الاجراءات الجزائية فيتم الاستناد للمادة 564 من قانون الاجراءات الجزائية .

ويمكن تقسم الشروط الى فئتين :

الاولى : ان يكون بالغا عاقلا مختارا عدلا .

الثانية : أن يكون الشاهد صالحا لأداء الشهادة ,

حالات عدم الصلاحية وفقا لقانون الاثبات , ثم وفقا للقواعد العامة :

1.   ففي قانون الاثبات  أوردت المادة 27/1 الفقرتين (د,هـ) فإن كانت الشهادة تجر للشاهد نفعا أو تدفع عنه ضررا .وبالتالي فلا تقبل شهادة المسئول عن الحقوق المدنية , أو المؤمن لديه. أو كان الشاهد خصما للمشهود عليه فلا تقبل شهادة المجني عليه أو المدعي بالحق المدني . وقررت الفقرة (و) أن لا يشهد على فعل نفسه , وهذا تطبيقا لقاعدة أنه لا يجوز أن يكون المتهم شاهدا ضد نفسه . وقد نصت المادة 36 من قانون الاثبات على أنه مع مراعاة حكم المادة 33 لا تقبل شهادة المتهم في قضية على غيره من المتهمين فيها ذلك لأن مصلحته في أن يفصل في الدعوى على نحو معين , أي أن له مصلحة وبالتالي تصم شهادته بالميل الذي يؤثر على الثقة فيها ولكن يجوز أن تقبل شهادة المتهم على غيره من المتهمين في قضية أخرى ,لانعدام المصلحة في هذه الحالة . فقد نصت المادة 33 من قانون الاثبات على أنه تقبل شهادة المثل على مثله إذا ظن القاضي صدقها إلا أن يشتهر الشاهد بشهادة الزور أو حلف الفجور .

2.   ووفقا للقواعد العامة  لا يجوز أن يكون الشاهد ذا صفة تفرض عليه التزامات تتعارض مع واجباته كشاهد , أو تخل تبعا لذلك بالثقة التي يجب أن تتوافر لشهادته أو تؤثر في الثقة التي يجب أن تتوافر لحسن أدائه وظيفته ,ولذلك فالمقرر أنه :

1.   لا يجوز للقاضي أن يكون شاهدا في الدعوى التي ينظر فيها ,  لأنه يتعين أن لا يكون للقاضي رأي مسبق في الدعوى , ولا يجوز له أن يقضي بمعلوماته الشخصية .

2.   كما أنه لا يجوز أن يكون عضو النيابة العامة الذي يترافع في الدعوى شاهدا في تلك الدعوى , لأنه خصما فيها , ولأنه وقت أداء شهادته سوف يخلي مكان النيابة العامة , وبالتالي يبطل تشكيل المحكمة الجزائية ونفس الأمر بالنسبة لكاتب المحكمة , إلا إذا حل محله كاتب آخر .

مركز الشاهد

ينشأ للشاهد مركز قانوني يتمثل في قيامه ببعض الالتزامات , وتتقرر له بالمقابل بعض الحقوق , وبيان ذلك فيما يلي :

أولا : التزامات الشاهد :

الشهادة واجب على كل شخص لأنها تساعد في كشف الحقيقة وإقامة العدل في المجتمع , ولذلك يحمل الشاهد الالتزامات التالية :

1.   الالتزام بالحضور في المكان والزمان المحددين لأداء الشهادة . فقد نصت المادة 327 اجراءات جزائية على أنه يكلف الشهود بالحضور بناء على طلب الخصوم بواسطة أحد المحضرين ....الخ ويضمن المشرع الوفاء بهذا التزام عن طريق العقوبة والأمر بالضبط والاحضار فقد نصت المادة 328 اجراءات جزائية على أنه إذا تخلف الشاهد عن الحضور أمام المحكمة بعد تكليفه يجوز للمحكمة إذا رأت أن شهادته ضرورية أن تؤجل نضر الدعوى لإعادة تكليفه بالحضور ولها أن تأمر بإحضاره . وقد نصت المادة 182 من قانون الجرائم والعقوبات على أنه يعاقب بالغرامة التي لا تتجاوز خمسة الف ريال الشاهد الذي لا يحضر أمام المحكمة بعد تكليفه بالحضور . ووفقا للفقرة الثانية من المادة 329 اجراءات جزائية للمحكمة أن تأمر بضبط واحضار الشاهد للجلسة المحددة .

2.   الالتزام بحلف اليمين وفقا للمادة 339 اجراءات جزائية وهذا الإلتزام اساسي لأن اليمين تعطي للشهادة قيمتها القانونية , فلا يحق للشاهد الامتناع عن الحلف ولا صفة للقاضي أو أطراف الدعوى في إعفائه منه .ونصت المادة 182 جرائم وعقوبات على أنه يعاقب بالغرامة التي لا تتجاوز خمسة الف ريال الشاهد الذي يمتنع عن حلف اليمين دون أن يبرر ذلك يعذر مقبول ...الخ

3.   التزام الشاهد بقول الصدق  حتى تؤدي الشهادة دورها كدليل اثبات يتيح للقاضي تقديرا سليما للوقائع وتطبيقا صحيحا للقانون , وقد عاقب المشرع الشاهد الذي يخالف هذا الالتزام بعقوبة جريمة شهادة الزور والاصل أن يتأكد القاضي من صدق الشاهد , وانه يقول الحقيقة بشأن ما يشهد به , ويتم ذلك بطريقتين :

الطريقة الأولى تعديل الشهود :

يخضع الشهود لنظام التعديل والجرح في جرائم الحدود والقصاص, ولا يكتفي بحلف اليمين فاذا كان الظاهر عدالة الشاهد حكم القاضي بشهادته . واذا ثبت فيما بعد أن الشهادة كانت زورا فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 179 من قانون الجرائم والعقوبات على أنه إذا ترتب على شهادة الزور الحكم على المتهم بعقوبة الإعدام أو الرجم أو القطع تكون عقوبة الشاهد الزور الحبس مدة لا تزيد على سبع سنوات إذا لم ينفذ الحكم أما اذا نفذ الحكم فعلا فتكون عقوبة الشاهد الزور هي الاعدام أو الرجم أو القطع ...الخ ويستوي ان تثبت شهادة الزور بالبينة أو عن طريق رجوع الشاهد .

الطريقة الثانية : حلف اليمين يتعين على القاضي أن يتأكد من صدق الشاهد في غير جرائم الحدود والقصاص وذلك بتحليفه اليمين قبل الإدلاء بشهادته . فقد نصت المادة 353/2 اجراءات جزائية أن يحلف القاضي الشاهد اليمين الشرعية قبل أن يؤدي شهادته شفاهه ...الخ

كيفية أداء الشهادة  ص 138

-       ضرورة حضور الشاهد بنفسه الى مجلس القصاء

للإدلاء بشهادته حتى يطمئن القاضي لتوافر شروط الشاهد , ويتأكد من انعدام حالات امتناع الشهادة وحتى يمكن تحليف الشاهد اليمين , وحتى يتمكن الخصوم من مناقشة الشاهد في الشهادة ,

الاستثناء 37اثبات " يجوز في غير الحد والقصاص ان يرعى الشاهد عدلين يقول لهما اشهدا على شهادتي أني اشهد بكذا فيكون الشاهد اصيلا وهما فرعان عنه ولا يصح الارعاء بشاهد واحد . ونطاق الارعاء في الشهادة : جرائم التعازير فقط للمحكمة الانتقال الى الشاهد أو قبول النقل , أما في جرائم الحدود والقصاص فلا تجوز وفقا للمادة 330 اجراءات والمادة 37اثبات  بانه اذا تعذر حضور الشاهد للمحكمة فللمحكمة الانتقال اليه .

حالات جواز الارعاء : - موت الشاهد ارعاهما في حياته . – عن معذور عن الحضور لمرض ونحوه .

شروط الارعاء : - عدد الشهود اثنان عدلين . – ان يقول لهما الشاهد الاصل اشهدا باني اشهد بكذا , أي ان دورهما يقتصر على نقل الشهادة , - يجب على الفرعين تعيين الاصيل باسمه ونسبه وتعديله وفقا للمادة 40 اثبات.

صور الشهادة عن طريق الارعاء :

- الارعاء بشهادة عدلين . – ان يكتب الشاهد شهادته بخطه المعروف او بخط غيره المعروف ويشهد عليها شاهدين .

اجراءت اداء الشهادة :

1.   الانفراد بالشهادة 353/1 اجراءات .

2.   المناداة على الشهود353/2 اجراءات .

3.   تحليف الشاهد اليمين 353/2 اجراءات غير ان المادة 339 اجراءات تقرر انه لا يحلف الشهود اليمين الشرعية امام القاضي الا اذا رأى خلاف ذلك . فاليمين تكون واجبة في جراءم التعازير . أما جرائم الحدود والقصاص فيطبق نظام الجرح والتعديل ويجوز فيها الجمع بين الإجراءين .

4.   تأدية الشهادة شفاهه 353/2 اجراءات قاعدة عامة يرد عليها استثناء في المادة 355/1 اجراءات " للمحكمة ان تقرر تلاوة الشهادة التي اديت في التحقيق الابتدائي أو في محضر جمع الاستدلالات أو امام الخبير اذا تعذر سماع الشاهد لأي سبب من الاسباب أو قبل المتهم , أو ممثل الدفاع ذلك, وذلك بالطبع يكون في جرائم التعازير . أما في جرائم الحدود والقصاص فيشترط حضور الشاهد أو انتقال المحكمة . ويشترط بالاكتفاء بتلاوة شهادة الشاهد – ان يكون قد اداها الشاهد بنفسه . – أن يكون قد حلف اليمين قبل ادائها – وان يتوفر عذر لعدم حضوره كالموت أو السفر الطويل أو غيره من الاسباب .- او ان يقبل المتهم او ممثل الدفاع ذلك , وفي المادة 39 جواز كتابة الشهادة بخط الشاهد او غيره مع شهادة عدلين أو مصدق عليه من جهة رسمية .

5.   البدء بالاستماع الى شهود الاثبات ثم شهود النفي 354/أ اجراءات ويجوز وفقا للمادة 354/ب للمحكمة ان تسمح بإعادة  سؤال الشاهد من أي طرف .

6.   دور القاضي عند اداء الشهادة 355/2 اجراءات .

7.   موقف القاضي في احالة كذب الشاهد 357 اجراءات . والمادة 358 اجراءات .

تقدير قيمة الشهادة

يخضع تقدير قيمة الشهادة لمبدأ الاقتناع القضائي في مجال جرائم التعازير  اما في مجال جرائم الحدود والقصاص فيخضع لمبدا قانونية الادلة حيث يجب ان يتوافر في كل جريمة النصاب المحدد من الشهود وان تتوافر الشروط اللازمة فيهم وفي طريقة ادائها .

الفرع الثاني

تقارير الخبراء

قررت المادة 323/ب اجراءات ان تقارير الخبراء من ادلة الاثبات .

تعريف الخبرة " هي ابداء رأي فني من شخص مختص فنيا في واقعة ذات اهمية في الدعوى الجزائية ولم يكن باستطاعة القاضي البت برأي فيها وقد نصت المادة 334اجراءات " للمحكمة ان تستعين بخبير أو اكثر في ...."

اجراءات الخبرة امام المحكمة :

المادة 334اجراءات جعلت التزام المحكمة بإجراء الخبرة من اطلاق سلطاتها .

المادة 165 اثبات اوجبت على المحكمة في المسائل الفنية كمسائل الطب والهندسة والحساب وغيرها مما يدق فهمه أن تعين خبيرا عدلا أو اكثر.

تفصيل اجراءات الخبرة امام المحكمة :

تقرر المحكمة ندب خبير وفقا للمادة 326 ,334 اجراءات من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم , بمعنى أن لا يجوز ان يقوم الخبير بعمله من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الخصوم . وقد قررت المادة 339اجراءات لا يحلف الخبير اليمين الشرعية امام القاضي الا اذا رأى  خلاف ذلك . وقد قررت المادة 345اجراءات انه تسري في شأن الخبراء اثناء المحاكمة القواعد المحددة في الفصل التاسع من الباب الثالث من الكتاب الثاني من هذا القانون للإثبات اثناء المحاكمة .

تقدير تقرير الخبير

قررت المادة 334اجراءات ان على الخبير ان يقدم تقرير مكتوب موقع عليه منه , وللمحكمة مناقشته في الجلسة ويكيف تقرير الخبير بأنه مجرد رأي في شأن دليل اثبات , أن ان التقرير يتضمن بيان الدليل وتفصيل عناصره , ثم اقتراحا من وجهة نظرها الفنية لما يمكن ان يكون له من قيمة في الاثبات .

سلطة القاضي في تقدير قيمة تقرير الخبرة

وفقا لمبدأ الاقتناع القضائي يخضع للقاضي سلطة تقدير قيمته من الناحية القانونية باعتبار ان القاضي الخبير الاعلى في الدعوى , ولذلك فالمحكمة لا تتقيد برأي الخبير , فلها ان تأخذ به ولها ان ترفضه , ولها ان تأخذ برأي خبير دون آخر. أو بجزء من تقرير الخبير وتطرح الجزء الاخر . لأن تقرير الخبير هومن سلطات محكمة الموضوع التقديرية ولا يجوز مجادلتها في ذلك امام المحكمة العليا. واذا تمت مناقشة تقرير الخبير في الجلسة من قبل الخصوم فللمحكمة الأخذ به , وفقا للمادة 175اثبات .

حدود سلطة القاضي في تقدير قيمة تقرير الخبرة

فهما اتسعت السلطة التقديرية للقاضي في رقابة تقرير الخبير واستمداد اقتناعه منه , فإن لهذه السلطة حدودها فالقاضي لا يستعمل هذه السلطة تحكما , وانما يتحرى بها مدى جديته , وما يوحي به من ثقة , ويتبع في ذلك اسلوب الاستدلال المنطقي الذي يقرها العلم ويجري بها العمل القضائي ,

وثمة ضوابط يستعين بها القاضي في استعمال سلطته لتقدير قيمة تقرير الخبير , ومن هذه الضوابط اذا وجدت أدلة اثبات اخرى كشهادة شهود أو اعتراف , فإن على القاضي ان يستعين بها لتقدير قيمة التقرير , فبقدر ما يوجد بينها وبين التقرير من اتساق بقدر ما يدعم ذلك الثقة في التقرير .

الفرع الثالث

اعتراف المتهم (تعريفه –اركانه – شروطه – العدول عنه – تقدير قيمته) صـ149

-       تعريفه: " هو اقرار المتهم على نفسه بصدور الواقعة الاجرامية عنه .

المادة 352اجراءات بينت ترتيب اجراءات نظر الدعوى أن يسأل القاضي المتهم بعد انتهاء الاجراءات المذكورة بالمادتين السابقتين عن التهمة الموجهة اليه ما إذا كان مقرا بالجرم الموجه اليه ام لا , فإذا اقر بارتكاب الجريمة ناقشته المحكمة تفصيلا واطمأنت الى ان إقراره صحيحا سجل اقراره بكلمات تكون اقرب الى الالفاظ التي استعملها في إقراره ولها ان تكتفي بذلك في الحكم عليه كما ان لها ان تتم التحقيق إذا رأت داعيا لذلك .

-       الاعتراف نوعين :

قضائي " وهو ما يصدر من المتهم في مجلس القضاء أمام القاضي ويستوي ان يكون في الجلسة الاولى بمواجهة المتهم بقرار الاتهام أو خلال جلسات المحاكمة .

غير القضائي " وهو الذي يصدر عن المتهم في غير هذه الحالة سواء صدر في مرحلة التحقيق الابتدائي , أو في مرحلة الاستدلال أو صدر في أي مكان بعيدا عن سلطات الاجراءات الجزائية . وتتطلب القواعد العامة انه يجب – وفقا للمادة 85 اثبات 0 الاشهاد على الاقرار الشفهي الذي يتم في مجلس القضاء وقد قررت المحكمة العليا في احد احكامها ان الاعتراف الذي يتم اثباته بالشهادة مأخوذ به كدليل اثبات في المواد الجزائية .

- اهمية الاعتراف " يعد دليلا للإثبات في جرائم الحدود والقصاص , وفي جرائم التعازير مع خضوعه لمبدأ قناعة القاضي في التعازير.  ويكون للاعتراف دور حاسم في الدعوى الجزائية فيستمد منه اقتناعه بإدانة المعترف وذلك عندما يصدر بحرية في مجلس القضاء , مع علم المعترف بالنتائج التي ستترتب عليه , وهذا يوحي بصدق المعترف فيما يقول , ذلك أنه يغلب الصدق – دائما - فيما يضر المعترف , ولا يتطرق الشك إلا فيما يجلب المنفعة له ولذلك قررت المادة 80 اثبات شروط المعترف.

- ذاتية الاعتراف في المسائل الجزائية :

للاعتراف كدليل اثبات في المسائل الجزائية ذاتية خاصة يتميز بها عن غيره من اذلة الاثبات الاخرى في المسائل الجزائية من ناحية ومن ناحية ثانية , يختلف الاعتراف في المسائل الجزائية عنه في المسائل المدنية .

تميز الاعتراف عن غيره من ادلة الاثبات التي تشتبه به (كالشهادة والاستجواب):

-       تميز الاعتراف عن الشهادة : يتفقان فن ان كلاهما دليلا قويا وأن كلاهما ينصب على موضوع واحد وهو الواقعة سبب الدعوى , ونسبة الواقعة الى شخص معين , الا ان الاعتراف الصادر عن المتهم يختلف عن الشهادة في انه يتضمن اقرارا من المتهم نفسه  على نفسه بنسبة الواقعة اليه , كما يتضمن الاقرار بما بترتب عليه من قيام المسئولية الجزائية عنها نحوه .

-       تميز الاعتراف عن الاستجواب . يتفقان في ان الاستجواب قد ينتهي الى الاعتراف , الا ان الاعتراف يختلف عن الاستجواب من عدة نواحي :

1.   يكون الاعتراف اراديا وصريحا بما يدل على ارتكاب الجريمة .أما الاستجواب فقد لا يؤدي الى الاعتراف الصريح وانما مجرد العجز عن نفي التهمة .

2.   الاستجواب لا  يكون الا في مرحلة التحقيق . ولا يجوز في مرحلة المحاكمة الا اذا قبله المتهم . أما الاعتراف فيكون في مرحلة الاستجواب ومرحلة المحاكمة , بل ان المحكمة تسأل المتهم اذا كان معترفا بالجريمة قبل الاستماع الى شهود الاثبات .

3.   أن الاستجواب قد يؤدي – اضافة الى اثبات التهمة – الى نفي التهمة , أما الاعتراف فله دور واحد اثبات التهمة والاقرار بها .

-       تميز الاعتراف الجنائي عن الاعتراف المدني : يتفقان في ان كلاهما دليل اثبات , الا ان الاعتراف الجنائي يختلف عن الاعتراف المدني من حيث الطبيعة , ومن حيث الدور , ومن حيث الاثار المترتبة عليه :

1.   من حيث الطبيعة : الاعتراف في الدعوى الجزائية هو مجرد دليل اثبات , وقيمته – خاصة- في جرائم التعازير  تخضع لتقدير قاضي الموضوع وفقا لمبدأ الاقتناع القضائي المقرر له , أما الاعتراف المدني , فإنه ذو طبيعة موضوعية , إذ هو ينطوي على تصرف قانوني , ويتضمن نزول المقر عن مطالبة خصمه بإثبات الحق الذي يدعيه قبله ولذلك كان وفقا للمادة 87 اثبان حجة قاطعة على المقر , ويجب الزامه بما اقر به أن ان الاعتراف تصرف قانوني في المسائل المدنية , بينما هو دليل أو اخبار بواقعة في المسائل الجزائية , وبالتالي يخضع للقواعد الاجرائية ,لأنه ذو طبيعة إجرائية .

2.   من حيث الدور : أن الاعتراف في المسائل الجزائية غير مفروض على القاضي , وله ان يرفض الاخذ به , ويلزم سلطة الادعاء بأن تقدم الدليل على الادانة , فقد قررت المادة 352 اجراءات أنه اذا لم تقتنع المحكمة بإقرار المتهم تشرع في التحقيق لسماع شهود الاثبات والنفي . أما الاعتراف في المسائل المدنية , فإنه مفروض على القاضي , ولا يملك أن يطلب من الخصم الذي صدر الاقرار لمصلحته دليلا ولا يستطيع أن يرفض له القضاء بحقه أي أن الاعتراف في المسائل المدنية يخضع لمبدا قانونية الادلة شأنه شأن الادلة الاخرى. أما الاعتراف في المسائل الجزائية فيخضع لمبدأ الاقتناع القضائي .

3.   من حيث الاثار : يترتب على الاعتراف في المسائل المدنية اثران متمايزان :

الاول . أن الاقرار لا يقبل التجزئة , فقد قررت المادة 95 اثبات أنه لا يتجزأ الاقرار على صاحبه الا إذا انصب على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا يستلزم حتما وجود الوقائع الاخرى .

الثاني : أنه لا يصح الرجوع في الاقرار إلا أن يكون في حق من حقوق الله التي تسقط بالشبهة , أو في حق من حقوق العباد المالية بشرط قبول المقر له .

وهذان الأثران للاعتراف في المسائل المدنية لا وجود لهما أصلا – في قانون الاجراءات الجزائية

اركان الاعتراف وشروطه

للاعتراف كدليل في المسائل الجزائية اركان وشروط :

أولا: اركان الاعتراف :

وهي العناصر اللازمة لوجوده , واركانه اربعة :

1.   صدور الاعتراف عن المتهم نفسه . أما ما يصدر عن غير المتهم في شأن واقعة مسندة اليه , فإنما هو شهادة . وإذا صدر الاعتراف عن المتهم , فيجب أن يكون موضوع الاعتراف هو واقعة بنسبها المتهم الى نفسه شخصيا , وفقا للمادة 82/2 اثبات يشترط في المقر به ان يكون متعلقا بالمقر , ..الخ , أما بنسبة المتهم الى متهم آخر , وإن يكن هذا المتهم مساهما معه في الجريمة , فهو ليس اعترافا , وانما هو مجرد استدلال لا تزيد قيمته عن قيمة أي استدلال اخر . كما أن اعتراف الوكيل لا يعد اعترافا الا بحضور موكله وموافقته بعد تنبيه المحكمة له . وفقا للمادة 89 اثبات لا يصح الاقرار من الوكيل بالخصومة أو المرافعة فيما يضر موكله ,....الخ

2.   ان يكون موضوع الاعتراف واقعة ذات اهمية في الدعوى الجزائية وهذا الركن يقوم بعنصرين : 1- ان يكون موضوع الاعتراف وقعة أما ما يصدر عن المتهم في شأن نسبة وصف قانوني معين الى الواقعة التي صدرت عنه , فهو ليس اعترافا , وانما هو محض رأي في الدعوى وليست له أية قوة في الاثبات . 2- أن تكون الواقعة ذات اهمية في الدعوى يتعين ان تكون الواقعة موضوع الاعتراف ذات اهمية في الدعوى . وفقا للمادة 82/1 اثبات .  وتكون الواقعة كذلك إذا كانت تتصل بارتكاب الجريمة ونسبتها الى المتهم . وقد قررت المادة 84/2 اثبات انه يشترط في الاقرار ان يكون مفيدا في ثبوت الحق المقر به على سبيل الجزم واليقين . أي انه يتعين ان ينصب الاعتراف على نفس الواقعة لا على ملابساتها المختلفة , ولذلك فإن تسليم المتهم بأنه كان موجودا في مطان الجريمة وقت وقوعها , أو بوجود ضغينة بينه وبين القتيل , أو بأنه يحرز سلاحا من النوع الذي وقعت به الجريمة , أو بانه سبق له ان اعتدى على المجني عليه , أو هدده بالقتل فكل ذلك لا يعد اعترافا بارتكاب الجريمة , وان كانت دلائل موضوعية لا تكفي للإدانة الا اذا عززتها ادلة كافية .

3.   أن يكون من شأن الواقعة تقرير مسئولية المتهم أو تشديدها : اما ما يقرره المتهم الذي ثبت اسناد الجريمة اليه في شان واقعة يترتب عليها نشؤ سبب اباحة لمصلحته , أو مانع مسئولية , أو مانع عقاب , أو سبب تخفيف , فهو ليس اعترافا , وانما هو دفع , او يعتبر بأنه اعتراف مقرونا بدفع قانوني أو شرعي , ينبغي على المحكمة عند تقرير مسئولية المتهم أخذ الدفع بالحسبان , والا كان الحكم معيبا. بل ان المحكمة في حالة ثبوت حالة الدفاع الشرعي من ظروف القضية أن تأخذ بها , حتى ولو لم يثرها المتهم أو محاميه في دفاعه , والا كان حكمها عرضة للبطلان .

ثانيا : شروط صحة الاعتراف :

 الاعتراف تعبير عن ارادة الافضاء بمعلومات وقبول النتائج المترتبة على اقتناع المحكمة بهذه المعلومات , ومن ثم يتعين أن تكون الارادة صحيحة كي يعتد بها القانون كمصدر لدليل اثبات ويتعين أن تتوافر للاعتراف شروط اربعة :

1.   أن يكون المعترف بالغا عاقلا مميزا (80)اثبات .

2.   حرية الاعتراف (80) اثبات و(6) اجراءات . وتنتفي الحرية في الحالات التالية

- اذا صدر تحت تأثير اكراه مادي , كالتعذيب – أو اكراه معنوي التهديد بشر مباشر أو غير مباشر له أو لغيره ممن يهمه امرهم , - اذا صدر تحت تأثير التدليس و الخداع , كالوعد أو الاغراء .

- صراحة الاعتراف : (83) اثبات

يتعين في الاعتراف كدليل إثبات جزائي أن يكون صريحا . أي ان يكون موضوعه اقتراف الفعل الاجرامي , اما اذا كان موضوعه , واقعة غير ذلك , فلا يكون له قيمة الدليل, وان كانت ذات صلة وثيقة بالفعل الاجرامي أي ان تكون عبارته واضحة , تدل على اقرار المعترف بارتكاب الفعل الاجرامي بدون لبس أو غموض .

ويجوز ان يكون الاعتراف ضمنيا كالإقرار بفرع يترتب على ثبوته ثبوت اصله  فالطلاق اقرار بالزواج . وقد اخذت المحكمة العليا بالاعتراف الضمني كالقول من المتهم " لن اعود الى ذلك الفعل ’’

-       ان يكون الاعتراف نطقا (84/3 , 88) اثبات اذا كان المقر به حدا من حدود الله (الزنا , القذف , اللعان , الظهار , الايلاء ) وما عدى ذلك فتقرر الفقرة الاولى من تلك المادة "يصح الاقرار من الاخرس والمصمت والمريض الذي لا يستطيع الكلام , ويكون بالاشارة المفهمة أو بالكتابة , وقررت المادة(337 , 338) اجراءات .

 

تجزئة الاعتراف

الاصل في القانون المدني عدم تجزئة الاعتراف وفقا للمادة (95) اثبات انه  لا يتجزأ الاقرار على صاحبه الا إذا انصب على وقائع متعددة وكان وجود واقعة لا يستلزم حتما وجود الوقائع الاخرى وتسري هذه القاعدة سواء كان الاعتراف بسيطا , أو موصوفا, أو مركبا , ولا استثناء الا إذا انصب الاعتراف على واقعتين , وكان بينهما استقلال بحيث لم يكن وجود احدهما متوقفا على وجود الاخرى .

أما في المواد الجزائية فلا تسرى قاعدة عدم تجزئة الاعتراف الجنائي . لأن الاثبات في المسائل الجنائية ليس الا عنصرا من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها وفقا لمبدأ الاقتناع القضائي فله ان يهدر جزءا منه أو جميعه . ولا يلتزم القاضي بتعليل تجزئته للاعتراف .

العدول عن الاعتراف

في المواد المدنية (87, 96) اثبات لا يصح الرجوع في الاقرار الا ان يكون في حق من حقوق الله  التي تسقط بالشبهة أو في حق من حقوق العباد بشرط قبول المقر له .

فلا يجوز العدول عن الاقرار في المواد المدنية , لأن الاقرار نزول عن حق الانكار فيما تعلق بحق الاخر, والنزول لا رجوع فيه .

في المواد الجزائية :

يجوز الرجوع عن الاعتراف وخاصة في جرائم الحدود التي تسقط بالشبهة . وقد اوجبت المادة (46) عقوبات على القاضي عند نظر دعاوى الحدود استفصال المتهم عن جميع مسقطات الحد , ويبطل حكم الادانة إذا ثبت أن القاضي لم يقم بذلك . ويعتبر رجوع المقر عن الاقرار يدرأ الحد ولا يسقط التعزير , أما في غير جرائم الحدود فإن الاعتراف يعد مجرد دليل من الادلة وتقديره يخضع لمبدأ الاقتناع القضائي وتقديره يشمل الاعتراف في ذاته وتقدير العدول عنه , وبغض النظر عن سبب العدول , سواء كان نتيجة ادعاء المتهم ان اعترافه كان تحت تأثير الاكراه أو التدليس وهو يعدل عنه بعد زوال تأثيرهما. أو يقول انه كان كاذبا في اقواله وانه يريد قول الحقيقة بعدوله. وتطبيقا لذلك فإنه يجوز للقاضي أن يرجح العدول , فيهدر الاعتراف وله ان يرفض الاعتداد بالعدول ويبقي على الاعتراف ,وهو في الحالين لا يقرر الا بمحض اقتناعه .

تقدير قيمة الاعتراف

القاعدة العامة :

يخضع تقدير قيمة الاعتراف كدليل اثبات لمبدأ الاقتناع القضائي فله ان يقبله ويستند اليه بالإدانة أو يهدره . كما تمتد سلطة تقدير قيمة الاعتراف الى تفسيره , وتحديد دلالته واستظهار بواعثه . أما في قضايا الحدود , فلا يجوز اعتباره قرينة .

واجبات القاضي في تقدير قيمة الاعتراف

لا يلتزم القاضي بالاعتراف إذا لم يقتنع به , ولكن عليه ان يبين الاسباب التي دفعته لذلك , وإلا كان حكمه معيبا إذا تضمن اعترافا ثم خلص منه _ خلافا للمنطق السليم – الى براءته ,

كان عليه ان يفسر اسباب اهداره للاعتراف .

الفرع الرابع

المستندات

المادة (323) اجراءات يعد المستندات من ادلة الاثبات في الدعوى الجزائية بما فيها اية تقارير رسمية مرتبطة بشخصية المتهم أو وقائع الجريمة

ماهية المستند :

نصت المادة (341) اجراءات " المستندات هي كل محرر أو بيان معد .....الخ

وقد يكون المحرر هو الجريمة نفسها , كالورقة المزورة ,والتهديد الكتابي , والبلاغ الكاذب , وقد يكون اداة اثباتها , كالورقة التي تثبت قرضا ربويا , وقد تجمع الورقة بين الدورين كالشيك الذي لا يقابله رصيد , أو الورقة التي تحمل عبارات القذف والسب وقد تكون الورقة مشتملة على مجرد دليل اثبات , كخطاب يتضمن اعترافا من المتهم . 86 اثبات . أو اقرارا من شاهد عن واقعة معينة وقد يكون مستند اخر يفيد في كشف الحقيقة .

قيمة المستندات في الاثبات "

تخضع الادلة الكتابية بتقدير قيمتها لمبدأ الاقتناع القضائي من اقتناع القاضي بصحة ما تتضمنه من بيانات ويتعين ان يستمد القاضي هذا الاقتناع وفقا للقواعد العامة في الاثبات الجنائي . وقد نصت المادة (264) اجراءات على الزام المحكمة بمناقشة المستند المقدم من الاطراف كدليل . وفقا لمبدأ الشفوية والمواجهة . ولا يجوز للمحكمة ان تستمد قناعتها من ورقة حصل عليها مقدمها بطريقة غير شرعية .

انواع المحررات وحجيتها

الادلة الكتابية وفقا للمادة (97)اثبات نوعان - محررات رسمية وعرفية (98, 100)اثبات

1.   المحررات الرسيمة : هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه بحدود اختصاصه أو ما تلقاه من ذوي الشأن , وذلك طبقا للأوضاع القانونية وفي حدود سلطة اختصاصه , وقد قررت المادة (100) اثبات حجية بما جاء فيها مالم ينكر الخصم .

وتعد من اهم المحررات الرسمية في الدعوى الجزائية – فضلا عن التقارير الرسمية – المحاضر الرسمية ويجوز للخصوم اثبات عكس ما ورد فيها وحجيتها تخضع لمبدأ الاقتناع القضائي . وتنقسم المحاضر من حيث قوتها في الاثبات الى قسمين :

القسم الاول- محاضر جمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي – ورغم انها حجة بما ورد فيها – الا ان المحكمة لا تتقيد بها حيث يتعين ان تتلوا المحاضر وغير ذلك من المستندات وتخضعا للمناقشة الشفوية .

القسم الثاني – محاضر جلسات المحاكمة والحكم .فإذا ورد فيهما اتباع اجراءات معينة , فلا يجوز اثبات عدم اتباعها وفقا للمادة (435)اجراءات الا بطريق الطعن بالتزوير, ذلك لأن هذه المحاضر حجة بما ورد فيها .

بمعنى ان محاضر الاستدلال والتحقيق الابتدائي تعد من المحررات الرسمية , وان ما ورد فيها حجة , الا ان المحكمة لا تتقيد بما ورد فيها ولا يعد ذلك اهدارا لحجيتها وانما هو التزاما عليه بان تتلو ما ورد فيها, وان تخضعها للمناقشة الشفوية , لأنه لا يجوز لها ان تعتمد على دليل لم تعرضه في الجلسة وتطلع الخصوم عليه ويبدون عليه ملاحظاتهم .

اما محاضر جلسات المحاكمة والحكم فإنها تعد حجة بما ورد فيها , وانه لا يجوز مناقشة ما ورد فيها , واذا ورد فيها انه تم اتخاذ اجراء معين , فإنه يعد حجة ولا يجوز الطعن بعد ذلك الا بالتزوير .

2.    محررات عرفية : هي وفقا للمادة (99) اثبات " المحررات التي تصدر من الاشخاص العاديين فيما بينهم ويجوز لهم تعميدها لدي الجهة المختصة في حضورهم ويعد التأكد من اشخاصهم وموافقتهم على ما جاء فيها فتأخذ حكم المحررات الرسمية ويعتبر المحرر العرفي الموقع من الخصم حجة عليه وفقا للمادة (104) اثبات .

الموضوع الثاني

دعوى التزوير الفرعية

(258-262) اجراءات

أولا. اجراءات الطعن :

1. من يجوز لهم الطعن بالتزوير ومكان الطعن :

نصت  المادة (258) اجراءات " للنيابة العامة وسائر الخصوم وفي اية  حالة كانت عليها الدعوى ان يطعنوا بالتزوير في أي ورقة من اوراق القضية المقدمة فيها . وبناء على ذلك يجوز الادعاء بالتزوير لأول مرة امام المحكمة العليا في صدد تحقيق تجريه في اوجه الطعن المقدم اليها .

3.   مكان الطعن :

بينت المادة (259) اجراءات " يحصل الطعن بتقرير في قلم كتاب المحكمة المنظورة امامها الدعوة , ويجب ان يعين فيه الورقة المطعون فيها بالتزوير والادلة على تزويرها .

ثانيا. الأثر المترتب على الطعن بالتزوير: 

الطعن بالتزوير لا يؤدي – حتما- الى وجوب السير في تحقيقه , كما لا يترتب عليه وقف السير في الدعوى الاصلية لحين الفصل في دعوى التزوير فهذان الامران تقدرهما الجهة التي تنظر الدعوى الاصلية حسبما تستخلصه من ظروف الدعوى ووقائعها .

1.   فقد ترى المحكمة ان الطعن بالتزوير غير منتج لأن الورقة المطعون فيها ليست حاسمة في الدعوى , أو ترى ان في استطاعتها أن تفصل في الطعن فتقرر عدم جديته , وقد تقرر ان توقف الفصل في الدعوى حتي تفصل في التزوير الجهة المختصة , ولذلك خولها المشرع سلطة تقديرية لترى ملاءمة الايقاف فنصت المادة (260) اجراءات " إذا رأت الجهة المنظورة امامها الدعوى وجها للسير في تحقيق التزوير تحيل الاوراق الى النيابة العامة , ولها ان توقف الدعوى الى ان يفصل في التزوير من الجهة المختصة إذا كان الفصل في الدعوى المنظورة أمامها يتوقف على الورقة المطعون فيها .

2.   إذا قررت المحكمة ايقاف الفصل في الدعوى الاصلية , فلها ذلك تطبيقا للمادة (256) اجراءات " إذا كان الحكم في دعوى جزائية يتوقف على نتيجة الفصل في الدعوى جزائية اخرى , وجب على المحكمة وقف الفصل في الدعوى الاولى حتى يتم الفصل في الدعوى الاخرى , ويتعين على المحكمة الأخذ بالنتيجة التي انتهت اليها الدعوى الاخرى ", ورغم ان نص المادة (256) اجراءات جعل الوقف وجوبيا إلا أن نص المادة (260) اجراءات جعل الوقف جوازيا , ولعل ذلك يعود الى انه قد ترى المحكمة أن التزوير واضح أو أن الورقة لا لزوم لها للفصل في الدعوى أو الدفع بالتزوير غير جدي .

ثالثا. الجزاء المترتب على اساءة استعمال دعوى التزوير :

نصت المادة (261) اجراءات . بغرامة لا تتجاوز خمسة الف بشرطين :

1-   ان تكون المحكمة التي تنظر الدعوى قد قررت ايقاف الدعوى حتي يتم الفصل في دعوى التزوير .

2-   أن يتبين بعد ذلك عدم وجود التزوير .

وهذه الغرامة مجرد جزاء اجرائي , ليس له طبيعة جنائية , ولا تطبق عليه احكام العقوبة الجنائية , وليس له أية أثار جنائية .

رابعا. وضع الورقة المحكوم بتزويرها (262) اجراءات " إذا حكم بتزوير ورقة رسمية كلها او بعضها . تأمر المحكمة التي حكمت بالتزوير بإلغائها أو تصحيحها حسب الاحوال , ويحرر بذلك محضر يؤشر على الورقة بمقتضاه ,

الفرع الخامس

القرائن

قررت المادة (323/د) اجراءات أن القرائن من ادلة الاثبات في الدعوى الجزائية والاثبات بالقرائن هو( استنتاج الواقعة المطلوب اثباتها من واقعة اخرى قام عليها دليل إثبات , وفي هذه الحالة يقال ان اثبات الواقعة التي قام عليها الدليل قرينة على ثبوت الواقعة التي لم يرد عليها دليل .  أو هي نتيجة يتحتم على القاضي ان يستنتجها من واقعة معينة .

وقد عرفت المادة (154)اثبات القرينة هي الامارات التي تدل على اثبات ما خفي من الوقائع ودلائل الحال المصاحبة للواقعة المراد اثباتها . وهذا التعريف صحيح في شأن الاجراءات الجزائية . وتعد القرينة وسيلة اثبات غير مباشرة لأن الواقعة الثابتة ليست هي نفس الواقعة المراد اثباتها بل هي واقعة اخرى قريبة منها ومتعلقة بها .

القرائن – شرعية وقانونية – قضائية – بسيطة .

أولا . القرائن الشرعية :

هي ما نصت عليها الشريعة الاسلامية نصا صريحا , ومن ثم فلا يكون للقاضي ان يحكم على خلاف ما قررته النصوص .

وقد نصت المادة (155/أ) " القرينة الشرعية , تغني في اثبات الواقعة عن أي دليل آخر. كالولد للفراش وحمل المرأة غير المتزوجة وحجية الحكم .

ثانيا. القرينة القانونية : (156) اثبات

هي ما قررته النصوص القانونية النافذة وقد وردت على سبيل الحصر في مجال الدعوى الجزائية فلا يجوز القياس عليها بغير نص اعتمادا على المماثلة . ومن القرائن القانونية القاطعة , - فصلا عن تلك الشرعية – انعدام التمييز في الصغير الذي لم يبلغ السابعة من العمر. م 31 عقوبات . والمجنون .م 33 عقوبات. وبالتالي انعدام مسئوليتهما الجزائية. ومن القرائن القانونية  قرينة العلم بالقانون بعد ان تم نشره في الجريدة الرسمية . حيث لا يتم الدفع بالجهل به.

النوع الثاني القرائن القضائية :

أولا. ماهية القرائن القضائية " هي استنباط واقعة مجهولة من واقعة معلومة تؤدي اليها بالضرورة وبحكم اللزوم العقلي . أو هي تلك القرائن التي يستطيع القاضي ان يصل اليها باستخدام فطنته وذكائه , وذلك من خلال وقائع الدعوى المعروضة عليه بطريقة الاستنتاج شريطة عدم مخالفة استنتاجه لما توحي به قواعد الشرع وما الفه الناس وتقتضيه طبائعهم وأعرافهم التي لا تخالف الشرع .

وقد عرفت المادة (155/ب) اثبات " هي ما تستنبطه المحكمة من الامور الواقعية أو المعاينة التي تدل على صور الحال في القضية ,....الخ .

ثانيا. دور القرائن القضائية في الاثبات :

نصت المادة (157) اثبات " للمحكمة ان تأخذ بالقرينة القاطعة القضائية التي يمكن استنباطها من وقائع الحال وان تعتبرها دليلا على الواقعة المراد اثباتها ويجوز للخصم ان يثبت انها غير صحيحة بالبينة القانونية . بمعني ان القرائن القانونية تأخذ الاحكام التالية:

1.   القرائن القضائية القاطعة هي التي يمكن ان تعتبر من ادلة الاثبات في الدعوى الجزائية أما غير القاطعة فلا يجوز اعتبارها دليلا كاملا على الواقعة المراد اثباتها .

2.    حدد المشرع نطاق الاخذ بالقرائن القضائية القاطعة كدليل كامل في الاموال والحقوق . وهذا يعني انه لا يجوز الاخذ بها في الدماء أو الحدود ونحوها .

3.   ان القرائن القضائية القاطعة في الاحوال التي يجوز للمحكمة الاخذ بها يجوز للخصم ان يثبت انها غير صحيحة بالبينة القانونية ويثبت عكسها .

الفرق بين القرائن القانونية والقضائية :

-       ان القرائن القانونية من ادلة الاثبات في كل الجرائم . سواء الدماء أو الحدود أو الامول والحقوق ولا يجوز نقضها متى ثبت قيامها , ويتعين الاخذ بها والحكم بمقتضاها .

-       القرائن القضائية نطاق الاخذ بها في الحقوق والاموال ولا يؤخذ بها في الدماء والحدود ويجوز للخصم اثبات عدم صحتها وعكسها بالبينة القانونية . والاخذ بها من سلطة تقدير المحكمة متى ما اطمأنت لذلك .

القرائن القضائية القاطعة واسعة لا حصر لها ومن امثلتها " البصمات – أثار على الجاني أو المجني عليه أو في مسرح الجريمة أو ظهور ثراء فاحش مفاجئ على المتهم كقرينة اختلاس المال. أو تعدد ارتكاب الجريمة الجديدة , أو وجود اصابات به كقرينة الاشتراك في المعركة او طريقة اخفائه المال المسروق كقرينة على العلم بمصدره أو استعمال سلاح قاتل والتصويب في مقتل كقرينة على توافر نية القتل , أو عدم تنفيذ الالتزام برد المال موضوع عقد الامانة في الميعاد المتفق عليه رغم المطالبة بالرد كقرينة على حدوث خيانة الامانة وبشرط في كل الاحوال عجز المتهم عن تعليل هذه الوقائع تعليلا مقنعا .

النوع الثالث القرائن البسيطة :

عرفت المادة (155/ج) القرائن البسيطة " هي التي لا تصلح دليلا مستقلا , ولكن تستأنس بها المحكمة .

أولا : دور القرائن البسيطة في الاثبات :

يعرف الفقه القرائن بأنها الامارات أو الدلائل وهي استنتاج واقعة من واقعة اخرى على سبيل الاحتمال أو الامكان , وهذا التحديد لمدلول الامارة ينفي عنها ان تكون وسيلة اثبات تبنى عليها الادانة , وذلك لأن الادلة دليلا يقطع بها على سبيل الجزم واليقين , وهو مالا تكفي الامارة فيه ولذلك نصت المادة (158) اثبات " القرينة البسيطة غير القاطعة وهي التي لا تقطع بثبوت الواقعة المراد اثباتها وانما ترشح لثبوتها وقد تحتمل ذلك وغيره . أي ان الاستنتاج في هذه القرائن البسيطة لا يكون لازما , بحكم اللزوم العقلي, بل قد يفسر على اكثر من وجه وتقبل اكثر من احتمال . ومن ثمة لا تكفي وحدها للأدلة , ولذلك نصت بقية المادة " ولا تعتبر القرائن البسيطة دليلا قاطعا يغني عن المطالبة بإقامة  البينة القانونية على ما يدعيه , وإنما يجوز للمحكمة ان تستأنس وتستكمل الدليل على اساسها .  

ثانيا : دور القرائن البسيطة في اتخاذ إجراءات التحقيق :

القرائن البسيطة – الأمارات والدلائل - لا تكفي وحدها للحكم بالإدانة , وانما تكفي لاتخاذ بعض اجراءات الاستدلال والتحقيق وقد اشار المشرع للأمارات و الدلائل في مواضع عديدة من قانون الاجراءات منها

1.   المادة (101) اجراءات التي تقر لمأمور الضبط القضائي في حالات معينة الحق في القبض على كل شخص يستدل بالقرائن على انه الفاعل للجريمة , أو له علاقة بها.

2.   المادة (102) اجراءات التي تجير المأمور الضبط القضائي تفتيش المتهم ومنزله في حالات معينة ويضبط الاشياء , متى وجدت امارات قوية تدل على وجودها فيه .

3.   المادة (103) اجراءات التي توجب على مأمور الضبط القضائي القبض على المتهم بارتكاب الجريمة , اذا قامت دلائل قوية على ارتكابه لها .

4.   المادة (104) اجراءات التي تجيز لمأمور الضبط اتخاذ الاجراءات التحفظية المناسبة وطلب امر القبض على المتهم اذ وجدت دلائل كافية باتهامه بإتهامه بارتكاب جريمة معينة.

5.   المادة (174) التي تجيز للمحكمة وللمحقق الامر بالقبض على أي شخص إذا قامت دلائل قوية على ارتكابه جريمة .

6.   المادة (184) إجراءات التي تجيز الحبس الاحتياطي للمتهم إذا تبين بعد استجوابه , أو في حالة هربه وجود دلائل كافيه على اتهامه .

ومما تقدم يتضح :

ان دور الامارات والدلائل لا يكون في الاثبات , وانما هو مجرد السماح للسلطة القضائية اتخاذ اجراءات تحقيق معين , فهي سند لتخويل سلطة معينة , قد يكون مؤديا الى استنباط دليل.

ويلاحظ أن المشرع لا يكتفي بوجود الامارات أو الدلائل , وانما يشترط ان تكون كافية أو قوية حتى يكون الاستنتاج على سبيل الاحتمال وليس الامكان لأن الإجراءات التي تترتب على ذلك تتعلق بالحرية الشخصية للأفراد أو حرمة مساكنهم .

الفرع السادس

الادلة الاخرى

لم يحدد المشرع طرق الاثبات على سبيل الحصر وانما على سبيل التمثيل وبالتالي فإنه وفقا للمادتين (226, 332) اجراءات ان تأمر ولو من تلقاء نفسها بتقديم أي دليل تراه لازما لإظهار الحقيقة , ويجوز للمحكمة بناء حكمها عليها منها ما ورد ضمن الاجراءات الخاصة بالتحقيق الابتدائي ومنها ما ورد ضمن  الاجراءات الخاصة بالمحكمة .ومن الادلة التي يجوز للمحكمة ان تعتمد عليها (الادلة المادية – الادلة الاخرى):

الادلة المادية :

وضع المشرع الاحكام الخاصة بالأدلة المادية في المواد (340. 342, 343, 344) اجراءات وكيفية تقديمها للمحكمة .

تعريف الادلة المادية

نصت المادة (140) اجراءات " الادلة المادية هي اشياء بحكم تكوينها وذاتيتها أو صلتها بالواقعة محل البحث تمكن من إجراء استنتاجات حول الجريمة واسبابها وظروفها وحول المتهم كأداة الجريمة و الشيء المحتفظ بأثر من آثارها والنقود واداة الجريمة وهذه الاشياء تنتج عن طريق التفتيش الذي يتم عن طريق النيابة وقد بين المشرع كيفية تقديمها الى المحكمة ومصيرها بعد الحكم في المواد من (340 الى 345).

وقد يتم الحصول على الادلة المادية اثناء المحاكمة فقد نصت المادة (332) اجراءات " للمحكمة ان تصدر امرا لأي شخص بتقديم شيء في حيازته إذا كان في ذلك مصلحة . و...الخ

ثانيا : بقية الادلة الاخرى "

للمحكمة وفقا للمادة (326)اجراءات ان تأمر بناء على طلب الخصوم أو من تلقاء نقسها بتقديم دليل أو اتخاذ اجراء لاستخلاص الدليل منه ومن تلك الاجراءات :

1.   انتقال المحكمة مع الخصوم للمعاينة .

2.   اجراء عرض المتهم على الشهود (354/أ) اجراءات حيث يجب على المحكمة عند انتهاء الشاهد ان تسأله هل المتهم الحاضر هو المقصود بالشهادة .

3.   الاعتماد على البصمات في الاثبات .

4.   القسامة وفقا للمادة (81) عقوبات .

5.   اليمنين " رغم ان المحكمة العليا قد قررت أن اليمين ليست من ادلة الاثبات أو النفي في الدعوى الجزائية لأن الادلة الجنائية محددة بالمادة (323) اجراءات , الا ان هذا التقرير ليس مطلقا ترد عليه بعض الاستثناءات منها القسامة وهي ايمان يحلفها المتهمين في حالات معينة لنفي الاتهام عنهم . كما ان اليمين وسيلة لسقوط حد القذف (الملاعنة بين الزوجين) وفقا للمادة (290) عقوبات .

 

الباب الثاني

اجراءات المحاكمة

يتطلب من المحكمة تطبيق حكم القانون في الوصول الى حكم بالبراءة او بالادانة وذلك بالمرور عبر مرحلتين – مرحلة التحقيق النهائي – والمرحلة الثانية في حالة الادانة وهي مرحلة تقدير العقوبة .

القواعد والمبادئ العامة في المحاكمة

القواعد العامة :

-       علانية المحاكمة (263)اجراءات . الاستثناء (263/4 , 397)- يترتب على المخالفة البطلان .

-       الشفوية (264- 267) اجراءات  والمقصود بشفوية اجراءات المحاكمة الجزائية مباشرة كافة اجراءات التحقيق النهائي شفاهة , فلا يجوز للمحكمة ان تكتفي بمحاضر جمع الاستدلالات ومحاضر التحقيق الابتدائي , ورغم ان المادة 5/4 من قانون السلطة القضائية نصت على ان تكون المرافعات شفوية , او تحريرية , الا اذا نص القانون على تحديد ايامنها  فنصت المادة (264)اجراءات (تكون اجراءات الاجراءات امام المحاكم شفاهة وتلتزم عند نظر القضية ان تبحت بنفسها مباشرة الادلة , ...وتخضعها للمناقشة الشفوية)

-       حكمتها : ما يتصل بها من مبادئ وقواعد اخرى كـ :

1)   مبدأ المواجهة  - حتى يتاح لكل طرف في الدعوى ان يواجه خصمه بما لديه من ادلة . ويتاح له ان يعرف ما لدى خصمه من ادلة ويقول رأيه فيها (فليس هناك من دليل – مطلقا لا يصلح للمناقشة قبل ان يوضع موضع الاعتبار عند الادانة او البراءة وبغير ذلك لا يستقيم عدل صحيح .),

2)   تتصل قاعدة الشفوية بمبدأ العلانية والتي تفترض ان تعرض الادلة في الجلسة بصوت مرتفع – أي شفويا – فيتحقق للحاضرين العلم بها .

3)   تتصل بمبدأ الاقتناع القضائي الذي يفترض ان يستمد القاضي اقتناعه وفقا للمادة (367) اجراءات من حصية المناقشات التي تجري امامه في الجلسة .

4)   تتصل بمبدأ حق الدفاع و

5)   بوسيلة اتصال المحكمة بالدعوى الاتصال المطلوب للفصل فيها بقضاء مستنير بكافة ظروفها وملابساتها . اما الحكم بمجرد الاطلاع على الاوراق فمغامرة خطيرة لا يؤمن معها زلل القاضي واقتناعه بأدلة قد تكون املتها شهوات الخصوم واهوائهم .

6)    تتمثل قاعدة الشفوية رقابة المحكمة على اعمال التحقيق الابتدائي , فما تولد عنه من ادلة يحب ان يعاد عرضه من جديد امام المحكمة وتدور بشأنه المناقضة , فيتاح تقدير قيمته من جديد , ومراقبة التقدير الذي كانت سلطة التحقيق قد خلصت اليه .

-       مظاهر شفوية المحاكمة :

1.   عرض ادلة الدعوى جميعا في جلسة المحاكمة واخضاعها للمناقشة الشفوية فقررت المادة (264) (تلتزم المحكمة عند نظر القضية ...وتفحص الادلة المادية وتتلو المحاضر والمستندات وتخضعها للمناقشة الشفوية ) .

2.   كل من تسأله المحكمة يتعين ان يجيب شفاهة  (265) اجراءات .

3.   ابداء ملاحظات المتهم والخصوم على الاشياء المضبوطة شفاهة في الجلسة (266) اجراءات.

4.   شفوية المرافعات الختامية (267) اجراءات (يجب ان تكون المرافعات الختامية من قبل جميع الاطراف شفاهة ) والمرافعة الشفهية تلعب الدور الاول في تكوين عقيدة المحكمة لأن عماد الاثبات في الواقعة الجزائية , هو شهادة الشهود بما تحمله من صدق أو كذب ومن خطأ أو صواب ولذلك يوجب المشرع على المحكمة ان تفسخ صدرها لسماع مرافعة الخصم ودفاعه حتى النهاية لأن المتهم ومحاميه حق مكتسب في المرافعة الشفوية في المواد الجزائية ولا تملك المحكمة منعة منها حتى لوصرحت له بتقديم مذكرة مكتوبة بدفاعه . لأن الاصل في المرافعة الشفوية .وفقا للمادة (264) اجراءات

قاعدة الاستمرارية (268) والحالات التي يجوز فيها مخالفة القاعدة 

-       وقف الدعوى وجوبا او جوازا اذا عرض على المحكمة قضية غير جزائية يتوقف عليها الفصل في القضية الجزائية (255) .

-       اذا كان الحكم في الدعوى يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جزائية اخرى (256) اجراءات .

-       اذا اقيمت دعوى التزوير في ورقة اذا كان الفصل في الدعوى يتوقف عليها (260)

-       عند الادعاء على احد الشهود بالشهادة الكاذبة اذا كانت الشهادة مؤثرة في الدعوى(358)

 المبادئ العامة :

-       مبدأ المواجهة بين الخصوم – تدوين اجراءات المحاكمة . –

يعني مبدأ المواجهة بين الخصوم في الدعوى الجزائية ان اجراءات المحاكمة تتخذ صورة المناقشة المنظمة التي بين اطراف الدعوى ويديرها رئيس الجلسة , ويبني الحكم على خلاصتها تضمنها القانون (279 - 283) ويفترض هذا المبدأ حضور كل خصم واطلاع خصمه على ما لديه من ادلة , ويتيح له ان يقول رأيه فيها , وان يواجها بما لديه من ادلة , ويعتمد القاضي على الادلة التي عرضت عليه في الجلسة .واتيحت للخصوم مناقشتها بمعنى ان مبدأ المواجهة يقتضي حضور الخصوم جميع اجراءات المحاكمة , وحق كل خصم في ان يعلم بأدلة خصمه وان يناقشها , وان يلتزم القاضي في بناء حكمه على الادلة التي طرحت في الدعوى ,

اولا. حضور الخصوم (315 - 317) وحضور النيابة العامة شرط صحة تشكيل المحكمة اما بقية الخصوم فإن حضورهم يخضع للقواعد العامة التالية :

حضور المتهم وبقية الخصوم (315) اجراءات  .

ثانيا: حق كل خصم في ان يعلم بأدلة خصمه وان يناقشها :

مبدأ المواجهة بين الخصوم تعني المبارزة بالأدلة والتي تقتضي ان يواجه كل خصم خصمه بأدلته , فيقدم ما عنده من ادلة , ويعلم بها خصمه ويناقشها , وتطبيقا لذلك , لا يجوز للمحكمة ان تعتمد على دليل قدمه احد الخصوم في الجلسة ولكن لم يتح لخصمه ان يطلع عليه . كما يخل بحقوق الدفاع إذا طلب هذا الخصم التأجيل للاطلاع على الدليل ومناقشته فرفضت المحكمة طلبه

حق كل خصم في العلم بأدلة خصمه ومناقشتها هو حق يحكمه مبدأ المساواة في حق الاثبات المقرر بالمادة (324) اجراءات ( يتساوى جميع اطراف القضية في الحقوق والواجبات بما فيهم المتهم وممثل الدفاع ... والهم الحق في تقديم الادلة ومناقشتها وطلب فحصها ...الخ) بمعنى ان النيابة العامة لا تتميز بمركز خاص ومهمة القاضي ان يحافظ على المساوة بين الخصوم ويحفظ التوازن الدقيق بين هذه المراكز المتساوية وهو ما يتفق مع طبيعة النظام الاتهامي الذي اعتمد عليه المشرع في تنظيم اجراءات مرحلة المحاكمة  .

ثالثا: بناء القاضي حكمه على الادلة التي طرحت في الجلسة :

يقتضي مبدأ المواجهة بين الخصوم التزام القاضي ان يبني حكمه على الدليل الذي طرح في الجلسة , واتيحت للخصوم مناقشته , فقد قررت الفقرة الثانية من المادة (367) اجراءات ( انه لا يجوز للقاضي ان يبني حكمه على أي دليل لم يطرح امامه في الجلسة إذ يعني ان ذلك قضاء القاضي بعلمه الشخصي وهو ما لا يجيزه القانون وفقا للمادة (  ) مرافعات وتطبيقا لذلك اذا توفر لدى القاضي معلومات وجب عليه التنحي عن نظرها وابداء اقواله كشاهد فحسب .حتى يتمكن الخصوم من مناقشتها بحرية , ويبتعد هو عن القضية خشية تأثره بمعلوماته ,ولو لم يكن لهذا  التأثر من صدى ظاهر في اسباب حكمه . ومن قبيل عدم اتاحة الفرصة للخصوم لمناقشة الدليل , اعتماد المحكمة على شهادة شاهد متوفي لم تعتمد عليها النيابة , ولم يعلم بها الدفاع ولم يفندها , وكانت بالإضافة الى ذلك لم تأمر بتلاوتها في الجلسة , كي تتاح مناقشتها فإذا بني الحكم عليها كان باطلا .

رابعا : مبدأ الصفة المباشرة لإجراءات المحاكمة .

. مبدأ الصفة المباشرة لإجراءات المحاكمة بمعنى ان الادلة يجب ان تعرض على القاضي مباشرة دون وسيط فيفحصها ويقدر قيمتها فإذا استمع الى مناقشة الخصوم بشأنها اتيح له تفهمها وتأصيلها واستخلاص نتيجتها على اساس من علمه المباشر ومعاينته الشخصية . وتنتفي الصفة المباشرة لإجراءات المحاكمة ان يكون ثمة وسيط بين الدليل وبين القاضي بحيث يعاين الوسيط الدليل ويقدم خلاصته للقاضي وتطبيقا لذلك لا يجوز للقاضي الاعتماد على شهادة الشهود الذين ادلوا بها في محضر التحقيق الابتدائي , او الاعتماد على اعتراف المتهم في ذلك المحضر (355) بمفهوم المخالفة . مبدأ الصفة المباشرة لإجراءات المحاكمة يعد تطبيقا سليما لمبدأ الاقتناع القضائي , كما يعد السبيل لتطبيق مبدأ شفوية اجراءات المحاكمة كما يعد مبدأ الصفة المباشرة لإجراءات المحاكمة تحقيقا لمبدأ علانية المحاكمة .

مبدأ التدوين (320) اجراءات

اولا : حكمة تدوين الاجراءات :

1.   اثبات حصول الاجراءات كي يمكن لذي المصلحة ان يحتج بذلك , واثبات كيفية حصولها كي يمكن التحقيق من مطابقتها للقانون , وهذه الحكمة تتصل بمبدأ الاثبات بالكتابة . لإجراءات قد تكون اهميتها حاسمة في المحكمة .

2.   ان اثبات اجراءات المحاكمة في محضر , يفيد في الاحتجاج به في مرحلة الطعن على الحكم , حيث ترتبط صحة الحكم بصحة اجراءات المحاكمة التي استند اليها ,ومن ثم يكون في تسجيل هذه الاجراءات كتابة ما يتيح لمحكمة الطعن ان تقدر قيمة الحكم , وتفصل بناء عليه .

3.   ان المحضر يتيح للخصوم ان تسجل فيه طلباتهم أو اعتراضاتهم , ومدى استجابة المحكمة لتلك الطلبات او الاعتراضات , وهو ما يمكنهم من الاستفادة بما ورد في المحضر في مرحلة الطعن اذا لم تستجب المحكمة لطلباتهم أو تفصل في اعتراضاتهم , خاصة أن بعض الاعتراضات يتطلب المشرع ان يتم اثارتها امام محكمة الموضوع .

ثانيا : البيانات التي يتضمنها المحضر .

ثالثا : حجية محضر الجلسة (435/3) اجراءات من الاوراق الرسمية فلا يجوز اثبات عكس ما ورد فيه الا عن طريق الطعن بالتزوير . ونطاق الحجية بالمحضر مطلقة .

رابعا: العلاقة بين المحضر وبين الحكم .

-       مبدأ تقيد المحكمة بحدود الدعوى (365, 366) اجراءات

يعني تقيد المحمة بحدود الدعوى . انحصار سلطتها في نطاق الدعوى التي ادخلت في حوزتها , محددة بحدودها الشخصية والعينية فإذا تجاوزت تلك الحدود كان قضاؤها فيما تجاوزت فيه منعدما , وفقا للمادة (365) اجراءات وفي اطار هذه الحدود بينت المادة (366) اجراءات مدى سلطة المحكمة .

        الحكمة من تقرير مبدأ تقيد المحكمة بحدود الدعوى وتتمثل في الفصل بين سلطتي الاتهام والقضاء . فسلطة الاتهام النيابة وسلطة القضاء المحكمة وتطبيقا لذلك شرع التصدي امام المحكمة

ولا استثناء سوى الجرائم التي ترتكب في الجلسات (35) اجراءات  فاذا جاوز القاضي هذه الحدود فإنه يكون قد قضي فيما لم يكن موضوعا لإتهام . وجمع سلطتي الاتهام والقضاء في يده .

ومبدأ الفصل بين سلطتي الاتهام والقضاء ضمان لحيدة القاضي . إذ يتيح له الفصل في الجعوى دون ان يكون قد سبق له اتخاذ موقف وتكوين رأي فيها .

         ويتصل مبدأ التقيد بحدود الدعوى بالنظام العام لإتصاله بمبدأ الفصل بين سلطتي الاتهام والقضاء . بل ان فصل المحمة فيما يجاوز حدود الدعوى , يعد فصلا في غير دعوى قائمة , ويعني ان الحكم الصادر في فراغ ويعد وفقا للقواعد العامة منعدما .

حدود الدعوى الجزائية (365) اجراءات

اولا: الحدود العينية للدعوى الجزائية .

-       الواقعة المحددة في قرار الاتهام – ويلاحظ ان استبدال افعال او وقائع جديدة محضور على المحكمة حتى لو نبهت المتهم , وأبدى دفاعه على اساس هذا التعديل , لآن المسألة تتعلق بعدم اتباع اجراءات رفع الدعوى الى المحكمة بشأن هذه الوقائع الجديدة .

ثانيا : الحدود الشخصية للدعوى الجزائية .

شخصية المتهم في قرار الاتهام . ولا تستطيع المحكمة الحكم على شخص لم يشمله قرار الاتهام وان ثبت امام المحكمة قيامه بالجريمة .

سلطة المحكمة في نطاق حدود الدعوى الجزائية (366)اجراءات

أولا : تغيير الوصف القانوني للتهمة . وصف التهمة أو اثباتها (هو ردها الى اصل من نص القانون واجب التطبيق عليها) وهو بيان تندرج تحته الواقعة المسندة الى المتهم من النصوص القانونية التي تجرمها , والذي على اساسه تبني النيابة العامة اتهامها وتطلب توقيع العقوبة على المتهم .

حكمة تقرير هذه السلطة ومبررها.

1.   استقلال  القضاء عن الاتهام , ومباشرته نشاطا ايجابيا .

2.   ان القضاء حيث ينظر في الدعوى يكون الخبير القانوني الاعلى فيها , ويقتضي ذلك ان تعلو كلمته على كل رأي يذهب اليه الخصوم في ادعاءائهم .

3.   ان الوصف القانوني الذي ينسبه الاتهام الى الفعل لا يعدو – في حقيقته – ان يكون طلبا تقدم به احد الخصوم .الى القضاء . والقاعدة ان القضاء الجزائي غير مقيدا بما يطلبه الخصوم .

4.   ليس فيه اضرار بالعدالة .

مجال التغيير : يتعين على قاضي الموضوع ان يبحث الوقائع المطروحة امامه من جميع نواحيها , وان يقضي فيما يثبت لديه منها , ولو كان هذا الثابت يستلزم وصف التهمة بوصف اخر غير ما اعطاه لها الاتهام , او تطبيق مادة اخرى خلاف المادة التي طلب الاتهام معاقبة المتهم بموجبها ولذلك يجوز للمحكمة وصف التهمة بوصف اشد , او اخف والشرط الذي تتقيد به المحكمة عند تغيير الوصف القانوني للواقعة  هو ان لا تسند الى المتهم فعلا غير الذي رفعت به الدعوى والا كانت متجاوزة الحدود العينية لها .  وتطبيقا لذلك يجوز للمحكمة تغيير وصف الواقعة من شروع في قتل الى احداث عاهة مستديمة . ومن نصب الى تبديد , ومن سرقة الى خيانة امانة ,ومن رشوة الى نصب .ومن قتل عمد الى ضرب افضى الى الموت . ومن شروع في الاغتصاب الى هتك عرض .

ثانيا : تعديل التهمة :

ان تعطي المحكمة التهمة وصفها القانوني الصحيح الذي ترى انه اكثر انطباقا على الوقائع الثابتة , بما يقتضيه ذلك – حتما- من اضافة ظرف جديد لم يرد في الوصف الاصلي الوارد في امر الاحالة أو في ورقة التكليف بالحضور , بل ثبت توافره لدى المحكمة من التحقيقات الاولية أو النهائية أو المرافعة في الجلسة . وتعديل التهمة ليس خروجا على قاعدة تقيد المحكمة بالحدود العينية للدعوى لأنه لا يستند على اساس اخر غير الذي اقيمت به , بل يتضمن فحسب اضافة ظرف جديد متصل بنفس الوقائع التي اقيمت بها الدعوى , ويكون معها كلا لا يتجزأ كشفته التحقيقات المختلفة أو المرافعة .

تمييز تعديل التهمة عن تغيير الوصف .

يختلف تعديل التهمة عن تغيير الوصف .لأن تعديل التهمة في الواقع هو تحوير في كيانها , أي انه تعديل في واحد او اكثر من عناصرها , ويكون من مستلزماته الاستعانة بعناصر اخرى , او بواقعة جديدة تضاف الى تلك التي اقيمت بها الدعوى , وتكون التحقيقات قد شملتها .

اما تعديل الوصف فهو تغيير في الاسم والعنوان فحسب مع الابقاء على جميع عناصر الموضوع كما اقيمت به الدعوى أو بعد استبعاد بعضها , لكن دون اية اضافة اخرى .

مجال التعديل (اضافة الظروف المشددة أو اضافة الظروف المخففة التي تثبت من التحقيقات)

امثلة لتعديل التهمة :

-       ان يحاكم المتهم بجريمة السرقة ويتبين  ان له سوابق مماثلة تجعله عائدا .

-       ان يحاكم المتهم بجريمة ضرب ويتبين انه ضرب افضى الى موت المجني عليه متأثرا بالإصابة .

-       او شروع بالقتل وبتين ان المجني عليه مات .

مع وجوب تنبيه المتهم الى التعديل الجديد .

التكيف القانوني لتعديل التهمة :

يكيف تعديل التهمة بانه حق للمحكمة وفقا للمادة (366) اجراءات  كما انه اذا توافرت مفترضاته يصبح واجبا عليها وليس سلطة تقديرية لها ويترتب على مخالفة هذا الالتزام بطلان الاجراءات وما ترتب عليها .

ثالثا : سلطة المحكمة في التصحيح وتدارك الاخطاء .

للمحكمة اصلاح كل خطأ مادي وتدارك كل سهو في صحيفة الاتهام أو ورقة التكليف بالحضور ومثال ذلك اصلاح الخطأ المادي في ذكر اسم المتهم أو المجني عليه , او الخطأ في رقم المادة الواجبة للتطبيق , او في تحديد موضع الاصابة بالمجني عليه , او في بيان الاشياء التي وقعت عليها الجريمة . وفي هذه الحالة , لا يعد التصحيح تعديلا للتهمة وانما تحديدا للوضع الصحيح , مادام ذلك ظاهرا من اوراق التحقيق  كما ان على المحكمة اصلاح الخطأ المادي في تأريخ الواقعة الذي ورد في عبارة الاتهام . والفصل في الدعوى على هذا هذا الاساس , اما اذا قضت بالبراءة لمحض وقوع هذا الخطأ المادي البحت فإن حكمها يكون معيبا , ويتعين الحكم بطلانه . 

الاثار المترتبة على هذه السلطات(-تنبيه المتهم – منحه اجلا لتحضير دفاعه)

 

الفصل الثاني

اجراءات المحاكمة العادية

الاصل ان الاجراءات العادية تطبق على كل الدعاوى الجزائية مهما كان نوعها او طبيعتها , غير ان المشرع يقدر ان تخضع بعض الدعاوى لإجراءات خاصة تفرضها اساب خاصة بها والاجراءات الخاصة لا تختلف عن الاجراءات العادية  اللهم في كيفية دخول الدعوى ومواعيد الاعلان .

المبحث الاول

كيفية رفع الدعوى واعلان الخصوم

رفع الدعوى الجزائية الى المحكمة اجراء يتم به دخول الدعوى في حوزتها ويتعين عليها بعده ان تقضي فيها , سواء بالفصل في موضوعها أو باصدار قرار سابق على الفصل في الموضوع . ويتطلب قانونا لدخول الدعوى لحوزة المحكمة القيام بإجرائين . الاول , رفع الدعوى والثاني اعلان الخصم الاخر بذلك .

طرق رفع الدعوى (309) اجراءات . كيفية رفع الدعوى

( مع مراعاة المواد(21،23،27،36،37) يكون رفع الدعوى الجزائية إلى المحكمة المختصة من النيابة العامة و ذلك بتكليف المتهم مباشرة بالحضور أمام المحكمة في الجلسة المحددة و يجوز الاستغناء عن تكليف المتهم بالحضور إذا حضر الجلسة و وجهت إليه التهمة من النيابة العامة و قبل المحاكمة.) يبين ان الدعوى ترفع الى المحكمة بطريقتين كما ان هناك طريق ثالث قررته مادة(222): يشتمل القرار الذي تصدره النيابة العامة بإحالة المتهم إلى المحكمة على اسمه و لقبة و سنه و محل ميلاده وموطنه و مهنته - و على بيان موجز للواقعة المنسوبة إلية ووضعها القانوني و كافة الظروف المشددة أو المخففة للعقوبة و مواد القانون المراد تطبيقها.

الطريقة الاولى : قرار الاحالة الى المحكمة (221, 222) اجراءات

الطريقة الثانية : تكليف المتهم بالحضور امام المحكمة بالجلسة المحددة .

1.   النيابة العامة تصدر تكليف للمتهم مباشرة بالحضور امام المحكمة في الجلسة المحددة , وذلك في حالة الجرائم غير الجسيمة .والتي ترفعها الى المحكمة المختصة بعد جمع الاستدلالات , فقد نصت المادة (111) اجراءات " اذا رأت النيابة العامة ان الدعوى صالحة لرفعها بناء على الاستدلالات وكانت الواقعة غير جسيمة ....الخ)

2.   المدعي الشخصي , يتم رفع الدعوى الجزائية منه , بالادعاء المباشر في الحالات التي يجوز له ذلك .

الطريقة الثالثة : (312)اجراءات . توجيه التهمة في الجلسة الى المتهم الحاضر من النيابة العامة وقبوله ذلك:

وتكون في المحاكمات المستعجلة ويشترط لصحتها :

1.   ان توجه التهمة للمتهم من قبل النيابة باعتبارها سلطة المختصة بذلك .

2.   ان يكون المتهم حاضرا في الجلسة , ولا يهم السبب لحضوره .

3.   ان يقبل المتهم المحاكمة بهذه الطريقة ويجب على المحكمة اثبات ذلك بالمحضر , لأن التكليف بالحضور شرط جوهري لصحة اجراءات دخول الدعوى حوزة المحكمة وقبول المتهم يعد تنازلا عن حقه في التكليف بالحضور وعن منحه اجلا لتحضير دفاعه .

اعلان المتهم صـ213

حتى تدخل الدعوى حوزى المحكمة المختصة , فانه يتطلب ان يتم تحقق ذلك الاعلان الى المتهم , ويتم ذلك عن طريق ورقة التكليف بالحضور ببيانات معينة , وان يتم تحديد موعد الحضور امام المحكمة وان يتم بإجراءات معينة , حتى يترتب الاثر القانوني على اعلان المتهم بالحضور امام المحكمة .

اولا : بيانات ورقة التكليف بالحضور (310) اجراءات .

ثانيا : مواعيد التكليف بالحضور .(312) اجراءات .

ثالثا : اجراءات اعلان ورقة التكليف بالحضور (312, 313) اجراءات .

رابعا : الاثار المترتبة على الاعلان .

يشترط حتى يحقق الاعلان اثره ان تكون الورقة صحيحة , وان يتم الاعلان وفقا للإجراءات القانونية بمعنى انه يترتب على اعلان المتهم بالحضور احد امرين :

الامر الاول : تحقق الاعلان حقيقة أو حكما , وبالتالي حضور الجلسة المحددة .ودخول الدعوى حوزة المحكمة وامتناع النيابة العامة عن اتخاذ أي اجراء فيها بوصفها سلطة تحقيق , ويفترض في هذه الحالة ان الاعلان تم صحيحا , ويترتب عليه أثرين .

1.   حق الاطلاع على ملف القضية وتحضير دفوعه (314) اجراءات . ولا يتأتى الا باطلاعه على اوراق القضية ,

وقد قررت المادة (346/1/2) اجراءات أن تسلم النيابة ملف القضية كاملا لمحكمة الموضوع محتويا على كافة الاوراق والادلة ليتمكن الخصوم من الاطلاع وتحضير دفاعهم .

2.   يترتب على دخول الدعوى حوزة المحكمة بناء على تكليف بالحضور , وبالتالي يمنتع على النيابة العامة اتخاذ أي اجراءا بشأنها بعد ذلك .

الامر الثاني : عدم تحقق الاعلان .

يتعين ان يكون اعلان التكليف بالحضور صحيحا , حتى ينتج اثره في اتصال المحكمة بالدعوى تطبيقا للقاعدة العامة في اشتراط صحة الاجراء حتى ينتج اثره فإذا كان المتهم لم يحضر اقتصرت المحكمة على بطلان التكليف بالحضور , ولا يجوز لها ان تتعرض لموضوع الدعوى , إذا لم تدخل الدعوى حوزتها بعد , وإذا حكمت على المتهم غيابيا كان حكمها باطلا . ولكن اذا حضر المتهم الجلسة فليس له ان يتمسك ببطلان التكليف بالحضور , وله ان يطلب اجلا لتحضير دفاعه  وعلى المحكمة اجابته لذلك . وفقا للمادة (400) اجراءات .

واذا رفعت الدعوى بقرار احالة دخلت حوزة المحكمة به , فإذا غاب المتهم يؤجل الجلسة وتأمر المحكمة بإعادة اعلانه بالوجه الصحيح . واذا حضر فيصحح اعلان الحضور (400) اجراءات .

المبحث الثاني

تفصيل الاجراءات العادية

بين المشرع سير اجراءات المحاكمة الجزائية العامة في الفصل الثالث من الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون الاجراءات الجزائية تحت عنوان (نظر الدعوى وترتيب الاجراءات) وقد شملتها المواد (340 – 346 ) اجراءات .

وهذه الاجراءات تعد القواعد العامة التي تتبعها المحكمة الجزائية سواء كانت المحكمة تنظر الدعوى بالإجراءات العادية أو بالإجراءات الخاصة المحددة لبعض القضايا . وتجمل تلك الاجراءات بالتالي :

اولا : التأكد من اختصاص المحكمة بالدعوى (378) اجراءات تطبيقا للقاعدة العامة (237/1) اجراءات . ان تحقق المحكمة اختصاصها من تلقاء نفسها . وعلى المحكمة ان تحيل القضية الى النيابة العامة لإتخاذ ما يلزم – هل النيابة التي رفعت الدعوى او المختصة مكانيا او نوعيا ؟

  وللإجابة يتعين التفرقة بين حالتين :

الحالة الاولى : ان تكون الدعوى مدنية ,او شخصية ,وليست دعوى جزائية , وفي هذه الحالة يتم احالتها الى المحكمة المختصة وفقا للنص المقرر في القواعد العامة – وهو ما تأخذ به المحكمة العليا –

الحالة الثانية : اذا كانت الدعوى جزائية ويتعين كون الاختصاص محليا أو نوعيا . فإذا كان عدم الاختصاص مكانيا – فإن المحكمة لا تلتزم بإثارته من تلقاء نفسها – لأن الاختصاص المكاني يتحدد في المادة (234/1) اجراءات بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة او المكان المقيم فيه المتهم او المكان الذي قبض عليه فيه . ولا افضلية لاحد هذه الاماكن ويثبت الاختصاص للمحكمة التي رفعت اليها الدعوى اولا .

اما اذا كان عدم الاختصاص نوعيا فإنه - يتعين على المحكمة الحكم بعدم الاختصاص من تلقاء نفسها – ويلزم بإحالة الدعوى الى النيابة العامة المختصة نوعيا بها ولا يجوز ان ترفها الى المحكمة المختصة مباشرة .

ثانيا : سلطة المحكمة في حبس المتهم احتياطيا .(205) قواعد عامة .اجراءات

ان الاختصاص للمحكمة في الافراج او الحبس للمتهم فإذا احيل المتهم الى المحكمة محبوسا ولم تقرر الافراج عنه فإنه يتعين على المحكمة وفقا للمادة (296/5) اجراءات ان تحاكم المتهم بالإجراءات المستعجلة .

ثالثا: في بيان سير الاجراءات .

اوجبت المادة (346/1) اجراءات تسلم النيابة ملف القضية كاملا لمحكمة الموضوع محتويا على كافة الاوراق والادلة والتقارير لمساعدتها على التصرف في القضية . وقررت المادة (347) اجراءات انه يطبق ما جاء في قانون المرافعات الى ما سيأتي وقد بينت تلك المواد سير الاجراءات على النحو التالي :

1.   التأكد من حضور الخصوم وهم النيابة كمدعى بالدعوى الجزائية والمتهم وحضورهما واجبا (348) . والمدعي الشخصي والمدعي المدني ويكتفى بحضورهم او وكلاءهم (315) اجراءات .

2.   سؤال المتهم عن اسمه وبياناته الشخصية (350/2) اجراءات .

3.   تلاوة التهمة من كاتب الجلسة ويلخص القاضي مضمونها والايعاز اليه بالانتباه لسماع للأدلة التي سترد بحقه .

4.   يوضح عضو النيابة العامة اسباب الاتهام ووقائع الدعوى ومع انها المدعي جزائيا الا ان عليها ان تقدم وقائع الدعوى ما هو ضد المتهم وما هو في مصلحته ولذلك نصت المادة (351) اجراءات على انه يوضح عضو النيابة العامة اسباب الاتهام ووقائع الدعوى ويطلب تلاوة قائمة شهوده وشهود المتهم ,فيتلوها كاتب الجلسة.

5.    يوضح المدعي الشخصي و المدعي المدني اسباب الاتهام وطلباته وهما خصمان منضمان للنيابة العامة في الدعوى الجزائية ومدعيان بالحق الشخصي أو المدني .

6.   سؤال المتهم عما اذا كان مقرا بالجرم  . مادة(352): يسأل القاضي المتهم بعد الإجراءات المذكورة في المادتين السابقتين عن التهمة الموجهة إليه ما إذا كان مقراً بالجرم الموجه إليه أم لا ، فإذا أقر بارتكاب الجريمة ناقشته المحكمة تفصيلا و اطمأنت إلى أن إقراره صحيحا سجل إقراره بكلمات تكون أقرب إلى الألفاظ التي استعملها في إقراره و لها أن تكتفي بذلك في الحكم عليه كما أن لها أن تتم التحقيق إذا رأت داعيا لذلك.

ويجب ملاحظة ان دور المحكمة في سؤال المتهم يقتصر على معرفة هل هو مقر بالجرم الموجه اليه ام لا فلا يجوز لها استجوابه _ بداية _  الا اذا اعترف بذنبه ففي هذه الحالة تناقشه تفصيلا .

7.   مادة(353): إذا أنكر المتهم أو رفض الإجابة أو لم تقتنع المحكمة بإقراره تشرع المحكمة في التحقيق لسماع شهود الإثبات و النفي كما هو في البنود التالية:-

8.   بينت المواد (353 – 356) اجراءات كيف يؤدي الشهود للشهادة واستجوابهم من الخصوم.

9.   الاستماع الى مرافعات الخصوم (مادة(364): بعد سماع شهادة شهود الإثبات و شهود النفي و ما ورد عليها من ملاحظات تعطي المحكمة الحق في الكلام للمدعي الشخصي أو وكيله ثم المدعي بالحق المدني و من بعده النيابة العامة ثم المدعي بالحق الشخصي و المدعي بالحق المدني أن يعقبوا على أقوال المتهم و المسؤول عن الحقوق المدنية على أن يسمح لهما بالرد و للمحكمة أن تمنع المتهم أو ممثل الدفاع من الاسترسال في المرافعة إذا خرج عن موضوع الدعوى أو كرر أقواله و بعد ذلك تصدر المحكمة قرارها بإقفال باب المرافعة ثم تصدر حكمها.)

10.                اصدار القرار بإقفال باب المرافعة (364) اجراءات .

11.                المداولة واصدار الحكم .

 

المطلب الثاني

الخصائص العامة لإجراءات المحاكمة

اولا : الطابع الارشادي للترتيب التشريعي لإجراءات المحاكمة .

ترتيب الاجراءات ليس من النظام العام لأنه لم يقصد به حماية مصلحة جوهرية لأحد الخصوم . والغرض منه ارشادي ولا يبطل الحكم اذا لم تلتزم المحكمة بهذا الترتيب .

ثانيا : دور الاعتراف في سير الاجراءات .

رتب المشرع على اعتراف المتهم بالجريمة المسندة اليه ان تقوم المحكمة بمناقشته تفصيلا ومتى اطمأنت اليه تكتفي بذلك للحكم عليه وقد ذهب البعض بأن دور الاعتراف يقتصر على اختصار الاجراءات التالية , حيث يتم الاستغناء عن سماع شهود النفي والاثبات , وعدم مناقشتهم .اما الاجراءات التالية فتسير على وجهها المعتاد حيث يتم الاستماع الى مرافعات الخصوم . كما ان هذا الدورالاجرائي المحدود للإعتراف لا يمس بسلطة المحكمة الجزائية في تقدير قيمة الاعتراف فقد نصت المادة (353) اجراءات " اذا لم تقتنع المحكمة بإقراره تشرع المحكمة في التحقيق لسماع شهود الاثبات والنفي .

ثالثا : حظر استجواب المتهم (360) اجراءات .

قررت المادة انه لا يجوز للمحكمة ان تستجوب المتهم الا اذا قبل . والحكمة من حظر الاستجواب واضحة . وهي خشية المشرع ان يؤدي الاستجواب الى اضطرابه في دفاعاته خاصة في اجواء المحكمة وتدار فيها الجلسة في علنية وشفوية ومواجهة فينساق الى قول مالم يكن ليقوله تلقائيا . والمقصود بالاستجواب المحظور (المناقشة التفصيلية الدقيقة في ادلة الدعوى . اما مجرد السؤال او الاستيضاح فغير محظور فقد قرر المشرع ذلك بعد حظر الاستجواب . في نفس المادة ( واذا ظهر اثناء المرافعة او المناقشة وقائع مما يلزم تقديم ايضاحات عنها من المتهم للكشف عن الحقيقة نبه القاضي اليها ويرخص له بتقديم تلك الايضاحات) أي انه يحسن بالقاضي الجزائي تمشيا مع دوره الايجابي في الدعوى تنبيه المتهم الى كشف الوقائع التي تفيد في كشف الحقيقة للمحكمة وهذا الدور الايجابي للقاضي لا يتحدد بالنسبة لسؤال المتهم فحسب , بل يشمل كل الخصوم  فقد قررت المادة 360 في عجزها انه (وللمحكمة ان تسأل باقي الخصوم عدا النيابة العامة وان تسمح لخصومهم بالرد عليهم .) أي يحسن بالقاضي ان يكون دوره ايجابيا في كشف الحقيقة وذلك بإثارة غموض القضية ودفع الخصوم لتوضيحه .

رابعا : حقوق المتهم .

قرر المشرع للمتهم في مرحلة المحاكمة عدة حقوق ومنها :

1.   ان الاعتراف لا يكون الا صريحا , فلا يستنتج ضمنيا , فقد نصت المادة (353) إذا أنكر المتهم أو رفض الإجابة أو لم تقتنع المحكمة بإقراره تشرع المحكمة في التحقيق لسماع شهود الإثبات و النفي  .

2.   لا يلزم المتهم بقول الصدق , حيث نصت المادة (363): لا يكون المتهم عرضه للعقاب إذا رفض الإجابة عما وجه إليه من الأسئلة أو إذا جاب عنها إجابة مغالطة فإن ذلك يعد إنكارا تسمع بعدة البينة. وهذا تطبيقا لمبدأ ان المتهم لا يجوز ان يكون شاهدا ضد نفسه

ومع ذلك فقد قررت المادة مادة(361): إذا امتنع المتهم عن الإجابة أو إذا كانت أقواله في الجلسة مخالفة لأقواله في محضر جمع الاستدلالات و محضر التحقيق جاز للمحكمة أن تأمر بتلاوة أقواله الأولى.

3.   مادة(362): للمتهم أو ممثل الدفاع بعد سماع قرار الاتهام أن يطلب تعديل الوصف القانوني للاتهام إذا بنى ذلك الطلب على أسباب أو أسانيد صحيحة و على المحكمة أن تفصل في هذا الطلب بعد سماع رد النيابة.

  خامسا : سلطة المحمة في ادارة اجراءات المحاكمة .

على الرغم من ان المشرع حدد اجراءات المحاكمة الجزائية مستلهما النظام الاتهامي , فقرر علانيتها وشفويتها والمواجهة بين اطرافها , وخول الخصوم مناقشة الشهود , فإن المحكمة تحتفظ بالسلطة في ادارة وتوجيه هذه الاجراءات ولذلك خصص المشرع الفصل الاول من الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون الاجراءات لإدارة جلسات المحاكمة فقد قررت المادة(319): 1- تكون إدارة المحاكمة من قبل رئيس الجلسة. والمحكمة هي التي توجهها في الاتجاه الذي تراه ادنى الى كشف الحقيقة لها. ولذلك نصت المادة(318):1- على المحكمة في سبيل الوصول إلى الحقيقة(الجريمة)من كافة جوانبها أن تبين أسبابها و ظروفها و شخصية الفاعل كشرط أولي لتحديد مسئوليته الجزائية ، بغية الوصول إلى حكم عادل.

ويجب وفقا للمادة (318/2) أن تدار جلسات المحاكمة بطريقة تبعث على ثقة المواطنين في عدالة القضاة و مساهمتهم في إعادة تربية المواطن الذي يستحق العقاب و تحقيق الوقاية من ارتكاب الجرائم في المستقبل. وانطلاقا من ذلك لها ان تجعل المحاكمة سرية ولها ان تبعد المتهم اذا وقع منه ما يخل بنظام المحكمة ولها ان تخرج من القاعة كل من يخل بالنظام العام فيها .

ولا يعني اطلاق سلطة المحكمة وانما تقيد سلطتها بقيدين :

1.   المحافظة على روح النظام الاتهامي الذي استلهم المشرع منه تحديد اجراءات المحاكمة والاحترام الكامل لحقوق الدفاع .

2.   ان اهم مظاهر سلطة المحكمة الجزائية في ادارة الجلسة تتمثل في – انها هي التي تبدأ اجراءات المحاكمة بسؤال المتهم عن اسمه وبياناته  - ثم سؤاله عما اذا كان معترفا , ام غير معترف , وتحدد وفقا لإجاباته سير الاجراءات , والمحكمة هي الامينة على حقوق الدفاع فلها تقدير ما يهدره وما لا يمس به , وتفعل ذلك على مسئوليتها فيبطل حكمها اذا اهدرته . – ولا تقف المحكمة موقفا سلبيا اثناء الاستماع الى شهادة الشهود

سادسا : القرار بإقفال باب المرافعة وما يترتب عليه .

والقرار باقفال باب المرافعة يعني اختتام اجراءات تقديم الطلبات والدفوع والمناقشات والمرافعات , ويفترض تقدير المحكمة العناصر اللازمة لإصدارها حكمها في الدعوى . ويعقب ذلك المداولة وبإقفال باب المرافعة معنى ذلك ان القاضي اختتم مرجلة من مراحل المحاكمة والولوج في المرحلة الثانية وهي استجماع العناصر المستخلصة من الدفوع , وتؤصل وتقوم ثم تبني عليها الحكم .

ويترتب على اقفال باب المرافعة النتائج التالية :

1.   عدم جواز قبول الادعاء المدني .

2.   لا يجوز للمحكمة وفقا للمادة (368)الفقرة الثانية و لا يجوز للمحكمة أثناء المداولة أن تسمح أحد الخصوم أو وكيله إلا بحضور خصمه أو تقبل مذكرات أو أوراقا من أحد الخصوم دون إطلاع الخصم الآخر عليها ، و يترتب البطلان على مخالفة ذلك.

والحكمة ان المحكمة تكون قد خالفت مبدأ الشفوية والمواجهة في المحاكمة وبنت حكمها واستمداد القاضي اقتناعه من ادلة لم يتم طرحها  في الجلسة ولم يتم مناقشتها مع الخصوم . ولذلك اجاز المشرع اعادة فتح باب المرافعة اذا رأت المحكمة الحاجة لذلك .

الفصل الثالث

الاجراءات الخاصة لبعض القضايا 229

 

 

 

الباب الثالث

الحكم الجزائي

تعريف الحكم الجزائي :

عرف المشرع اليمني الحكم بالمادة (217) مرافعات " الحكم قرار مكتوب صادر في خصومة معينة من ذي ولاية شرعية وقانونية

اولا : بيان اركان الحكم :

-       قرار مكتوب

اوجب المشرع ان يصدر الحكم في شكل قرار مكتوب  أي قرار يحدد حكم القانون بشأن واقعة معينة , أي ان الحكم هو القانون الخاص بالواقعة موضوع الدعوى وسواء كان الحكم يقضي بالبراءة او الادانة , ويتعين ان يصدر القرار وفقا للأوضاع التي قررها القانون . أي يعبر عن ارادة القانون من قبل المختص بالتعبير عن هذه الارادة , ويتعين ان يصدر القرار , وفقا للنظام العام الذي تصدر به القرارات عامة  أي ان القرار المكتوب ركن عام للوجود القانوني للحكم , الا انه يتعين ان يشتمل القرار على الاركان الخاصة بكل قرار , وفقا للنظام العام .

-       يصدر في خصومة معينة

أي بناء على دعوى دخلت حوزة القضاء وفقا للقانون أي ان يصدر في خصومة معينة , ضد متهم رفعت عليه الدعوى بالشكل القانوني , واعلن بها , وحضر المحكمة , ومارس حقوق الدفاع المقررة له .  

-       يصدر عن قاضي ذي ولاية

ذي ولاية بحسب الاختصاص النوعي والمحلي والشخصي , أي ان يكون للقاضي الولاية العامة والولاية الخاصة بالدعوى وان لايكون ممنوعا من مباشرة الدعوى .

ثانيا : الاثر المترتب على فقدان احد اركانه

يكون منعدما اذا فقد الحكم احد اركانه , ولا يترتب عليه اثر شرعي او قانوني .

انواع الاحكام الصادرة في الدعوى الجزائية

النوع الاول : الاحكام الفاصلة في الدعوى الجزائية

وهو الحكم الذي يحسم موضوع الدعوى الجزائية وينهي النزاع بشأنها , ويفصل في الطلبات والدفوع المطروحة بشأنها وبصدوره تخرج الدعوى الجزائية من حوزة المحكمة و يتميز هذا الحكم بأنه يقرر قواعد قانون العقوبات على الواقعة فيحدد تكييفها القانوني ومسئولية المتهم عنها أي ان الحكم القاصل في الدعوى الجزائية هو الذي يحوز القوة في انهاء الدعوى الجزائية وتنقسم تلك الاحكام الفاصلة الى انواع متعددة تبعا لحضور المتهم للمحاكمة (حضوري و غيابي ) او قابلية الحكم للطعن فيه (ابتدائية – نهائية – باتة ) , او من حيث الصحة او عدم الصحة (احكام صحيحة – احكام معيبة )

-       الحكم الحضوري والحكم الغيابي

ومعيار التمييز بينهما هو ما اذا كان قد اتيح للمتهم ان يحضر جلسات المحاكمة التي دارت فيها المرافعات امام القاضي , واتيح له ممارسة حقه القانوني في الدفاع عن نفسه في هذه المرحلة وفقا للقانون وبالتالي يعتبر الحكم حضوريا اذا اتيح للمتهم هذا الدور , وقام به فعلا , ويعتبر الحكم غيابيا اذا لم يتاح له هذا الدور , او لم يقم به فعلا , وتنقسم الى ثلاثة اقسام :

1.   الحكم الحضوري هو الحكم الذي صدر بعد مرافعة حضر المتهم فيها كل الجلسات التي اتخذت فيها اجراءات المحاكمة  , والمقرر في التشريع اليمني ان جميع الاحكام الجزائية يجب ان تكون حضورية , ولا يجوز اصدار احكام غيابية في أي جريمة من الجرائم (315/1)اجراءات .  لأن له دور في اجرائيا فيها , حيث يتم استظهار الحقيقة من وجهة نظره وفضلا عن ان لحضوره اهمية في سبيل الوصول الى حقيقة الجريمة . فان لهذا الحضور في قدرة المحكمة على اصدار الحكم العادل بالجزاء المناسب بعد تعرف المحكمة على شخصية المتهم كشرط اولي – وفقا للمادة (318/1) اجراءات . لتحديد مسئوليته الجزائية . ولا يغني حضور وكيل المتهم جلسات المحاكمة ,حتى لو ترافع الكيل فيها . لأن مرافعته تكون باطلة . ولا يجوز للمحكمة ان تسمح بها 

2.   الحكم الحضوري الاعتباري تطلب المشرع ان يتم اعلان المتهم بالشكل الصحيح , فإن لم يحضر بعد الاعلان اتخذت المحكمة الاجراءات في مواجهته بعد تنصيب وكيل عنه , واعتبر الحكم حضوريا في هذه الحالة وحكمة اعتبار الحكم حضوريا ان المتهم فوت على نفسه فرصة الدفاع عن نفسه امام المحكمة , وحتى لا يعد فراره من وجه العدالة وسيلة للمماطلة وعرقلة عمل القضاء ’,

-       حالات الحضور الاعتباري :  

الحالة الاولى : حضور فرار المتهم من وجه العدالة اذا لم يحضر وفقا للمادة (285) اجراءات بعد اعلانه ولم يحضر مع ذلك احد من اقاربه أو وكيل عنه وفقا للمادة (286) اجراءات ليبدي عذره في عدم الحضور . وبعد ان تم النشر عنه وفقا للمادة (287) اجراءات . ولم يحضر  يعتبر فارا من وجه العدالة .

الحالة الثانية : فرار المتهم من وجهه العدالة , وذلك  وفقا للمادة (288) اجراءات بهربه بعد حبسه أو القبض عليه . أو لم يكن له مقر اقامة معروف , او وجدت قرائن تدل على انه اخفى نفسه .

الحالة الثالثة : تأجيل المحكمة جلستها الى جلسة تالية  وفقا للمادة(297) اجراءات واعادة اعلانه , ولم يحضر بعد الاعلان , وتعذر القبض عليه .

الحالة الرابعة : اذا حضر احد الخصوم في اية جلسة  وفقا للمادة (298) اجراءات أو اودع مذكرة دفاعه .

القواعد الخاصة بالحكم الحضوري

يخضع الحكم الحضوري الاعتباري لقاعدتين .:

القاعدة الاولى : تحقيق الدعوى كما لو كان المتهم حاضرا

نصت المادة (289) اجراءات تعين المحكمة منصوبا عن المتهم من اقاربه أو اصهاره حتى الدرجة الثالثة ان امكن والا فمن المحامين المعتمدين , ثم تنظر الدعوى كما لو كان المتهم حاضرا . وتتبع في محاكمته القواعد المقررة في المحاكمة الحضورية . والحكمة من القاعدة تتمثل في حماية حقوق المتهم الغائب , فلا يجوز الحكم عليه بالاطلاع على الاوراق .

القاعدة الثانية : عدم جواز الاعتراض على الاجراءات التي تمت في غيبته

نصت المادة(293) اجراءات فإذا قدم للمحكمة التي اصدرت الحكم ما يفيد قيام عذر قهري منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم توقفه المحكمة على ما تم من اجراءات في غيبته , فان اعترض على أي منها وكلب اعادته تفصل المحكمة في هذا الاعتراض بحكم قابل للاستئناف . بمعني ان الاعتراض لا يقبل الا اذا كان عدم الحضور لأمر قهري .

الحكمة : - قيام قاعدة الاحكام الحضورية الاعتبارية , بالنظر الى تغيب المحكوم عليه .- كما ان تقرير اجراءات المحاكمة كما لو كان المتهم حاضرا0 هو المقابل لعدم جواز الاعتراض , وذلك بحرمان المحكوم عليه من قصده السيئ في اطالة المحاكمة وعرقلة تنفيذ الاحكام .

ثالثا : الحكم الغيابي :

وهو الحكم الذي يصدر في غياب المتهم ,أي عدم حضوره جلسات المحاكمة , ويكون الحكم غيابيا اذا لم تنصرف اليه قاعدة الاحكام الحضورية الاعتبارية . في حالتين :

الحالة الاولى : المحكوم عليه بحد أو قصاص .

قررت هذه الحالة الفقرة الاخيرة من المادة ( 289) اجراءات بقولها فيما عدى المحكوم عليه بحد او قصاص , فيمكن من الدفاع عن نفسه عند حضوره أو القبض عليه , وهذا النص استثناء من قاعدة الاحكام الحضورية الاعتبارية . , أي حتى ولو تم تحقيق الدعوى كما لو كان المتهم حاضرا . و يعتبر الحكم غيابيا يسقط بحضور المحكوم عليه او القبض عليه .

والحكمة : خطورة العقوبات المحكوم بها , ولأن المشرع اوجب على القاضي استفصال المتهم عن مسقطات الحد , وفي جرائم القصاص يمكن للمتهم يتطلب اثباتها بوسائل محددة للاثبات يمكن للمتهم مواجهتها وابداء دفوعه في التهمة .

الحالة الثانية : قيام عذر منع المحكوم عليه من الحضور قبل الحكم

هذه الحالة تستفاد من نص المادة (293/1) اجراءات عند قيام عذر قهري منع المحكوم عليه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم , وفي هذه الحالة يعتبر الحكم غيابيا , لأن المحكوم عليه لا يد له . ولا يسقط الحكم بقوة القانون كالحالة السابقة . وانما قرر المشرع حق المحكوم عليه في المعارضة .

النوع الثاني الاحكام الباتة وغير الباتة .

اولا : الاحكام الباتة :

الحكم البات : هو الحكم الذي استنفذ طريق الطعن بالنقض أو مضت مواعيده دون الطعن فيه بهذا الطريق.

ثانيا : الاحكام غير الباتة : هي التي لا تحوز قوة في انهاء الدعوى الجزائية وهي نوعان :

1.   الحكم النهائي : هو الحكم الذي أستنفذ طريق الطعن بالاستئناف أو مضت مواعيده دون الطعن فيه بهذا الطريق.

2.   الحكم الابتدائي : هو الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية ويجوز الطعن فيها بالاستئناف.

اهمية التمييز :

الحكم البات ينهي الدعوى الجزائية , الحكم غير البات لا ينهيها , الحكم المنعدم أو الحد او القصاص لا ينفذ الا بعد الطعن فيه بالنقض او عرضه على المحكمة العليا ,وبعد مصادقة رئيس الجمهورية , اما سائر العقوبات الاخرى , فالأصل عدم تنفيذها 0 وفقا للمادة (469) اجراءات . الا بمقتضى حكم قضائي نهائي صادر من محكمة مختصة.

النوع الثالث

الاحكام الصحيحة والاحكام المعيبة

يكون الحكم صحيحا اذا صدر مطابقا للقانون , أي طبق القانون تطبيقا صحيحا .

-       سواء قواعد القانون الموضوعية .وتشمل القواعد المتعلقة بتحديد الوقائع او بتطبيق القانون عليها .

-       او قواعد القانون الاجرائية . وتشمل القواعد التي تنظم اجراءات التحقيق الابتدائي او المحكمة أو القواعد التي تحدد نشوء الحكم

أي انه الحكم الذي يصدر مستوفيا الاركان وجوده وشروط صحته , اما اذا خالف القواعد القانونية بشقيها , فإنه يكون حكما معيبا , والحكم الصحيح لا يكون ثمة وجه للطعن فيه , اذ لا عيب ينسب اليه , واذا قبل الطعن فيه شكلا , فإنه يرفض موضوعا , وبه تنتهي الدعوى الجزائية .  اما الحكم المعيب فيواجه بالطرق التي قررها القانون , سواء لتصحيحه اذا شابه البطلان , او لتقرير عدم وجوده او الدفع بعدم هذا الوجود اذا كان منعدما بمعنى ان العيب يكون نتيجة لمخالفة القانون الموضوعي أو الاجرائي مخالفة والعيوب التي تلحق الاحكام الجزائية نوعان :

-       الاحكام المنعدمة :

الانعدام وصف قانوني يلحق العمل القضائي فيفقده قيمته القانونية , بمعنى انه شابه عيب جسيم جرده من وجوده القانوني والاثار المرتبة عليه , فقد قررت المادة (56) من قانون المرافعات انه يعتبر الحكم منعدما اذا فقد ركنا من الاركان المنصوص عليها في المادة (217) مرافعات واركانه  " -ان يصدر في شكل قرار مكتوب أي يحتوى على منطوقه . في خصومة معينة – وان يصدر عن قاض له الولاية الشرعية والقانونية .

-       الاحكام الباطلة :

البطلان جزاء اجرائي يلحق الحكم الموجود قانونا , والذي شابه عيب سواء في الاجراءات او في تطبيق القانون , أي انه لحقه عيب نتيجة لمخالفته النموذج القانوني . أي مخالفة شروط الصحة المتطلب توافرها في الحكم والبطلان جزاء اخف من الانعدام , لان البكلان يقبل التصحيح , اما الحكم المنعدم فلا يقبل تصحيحا على الاطلاق لأنه ولد ميتا.

الفرع الثاني

الاحكام السابقة على الفصل في الموضوع صـ 279