الجمعة، 28 فبراير 2020

نظرية الانعدام في قانون المرافعات اليمني

الجمهورية اليمنية
المحكمة العليا
____
المؤتمر الخامس
لرؤساء المحاكم العليا في الدول العربية

ورقة عمل
حول

نظرية الإنعدام في قانون المرافعات اليمني
وتطبيق أحكامه في المحكمة العليا

إعداد:
القاضي الدكتور عصام بن عبد الوهاب السماوي
رئيس المحكمة العليا – الجمهورية اليمنية


بيروت 15 – 17/09/2014
 
نظرية الإنعدام في قانون المرافعات اليمني
وتطبيق أحكامه في المحكمة العليا
_____

نظّم قانون المرافعات والتنفيذ المدني الصادر برقم (40) لسنة 2002م جزاءات عدم سلامة العمل القضائي في الفصل الثامن من الباب التمهيدي تحت عنوان "بطلان الإجراءات وانعدامها" وجعل البطلان نوعين "نسبي، ومطلق". في مقابلة الإنعدام وقد اشتمل هذا الفصل على المواد من رقم (47) حتى رقم (58). وخصّ الإنعدام منها بأربع مواد هي (55، 56، 57، 58) وفي المادة (55) عرّف القانون الإنعدام بتعريف شامل للعمل القضائي أيّاً كان نوعه وطبيعته في جميع إجراءات المرافعات سواء ما هو منها للخصوم، وما يكون فيها لمكنة القضاة في التعامل معها، حتى الأحكام وإجراءات تنفيذها وذلك تمهيداً لتطوير نظرية الإنعدام مستقبلاً. لكن القانون مع ذلك قصّر العمل بأحكام الإنعدام على الأحكام فحسب نظراً لخطورته حيث نصّت المادة (55) المُشار إليها على أنه:
"الإنعدام وصف قانوني يلحق العمل القضائي ويجعله مجرداً من جميع آثاره الشرعية والقانونية. ولا يحكم به إلاّ في الأحوال المنصوص عليها في هذا القانون". والمُراد بالأحوال المنصوص عليها في القانون جميعها تتعلّق بالأحكام وليس بأي إجراء من إجراءات المرافعات. والمادة (56) حدّدت القيمة القانونية للحكم المنعدم وقرّرت أنه لا يكون له أي أثر شرعي وقانوني كونه ولد ميتاً فلا يحييه إجراء لاحق ولا يقيم الحياة لأي إجراء سابق عليه ما لم يكن دليل أو برهان. وحدّد القانون محل الإنعدام في الحكم بأن يكون ذلك في اركانه الثلاثة (الولاية، الخصومة، الكتابة)، حيث نصّت المادة (56) مرافعات. على أنه: "إذا تعلّق الإنعدام بحكم قضائي أيّاً كانت المحكمة أو الهيئة التي أصدرته فلا يكون لهذا الحكم أي أثر شرعي وقانوني. ويعتبر منعدماً إذا فقد أحد أركانه المنصوص عليها في المادة (217) مرافعات. وهذه المادة قد عرفت الحكم القضائي وبيّنت أركانه المُشار إليها آنفاً. حيث نصّت على أن: "الحكم قرار مكتوب صادر في خصومة معينة من ذي ولاية قضائية شرعية وقانونية".
ويُلاحظ أن القانون قد نصّ على تطبيقات خاصة يكون فيها الحكم منعدماً. حيث نصّت المادة (15) مرافعات على أنه: "يترتّب على مخالفة المواد (9، 11، 12، 13) من هذا الفصل إنعدام العمل القضائي وكل ما يترتّب عليه"، وكل ما أشير إليه في البنود المذكورة في المادة (15) آنف الإشارة إليها تتعلّق بركن الولاية. وكذلك المادة (77) مرافعات المرتبطة بحكم البند رقم (12) آنف الإشارة إليه لتعلّقها بحجية الأحكام، وكذلك المادة (79) مرافعات المتعلّقة بعدم ولاية المحاكم اليمنية بالمنازعات القائمة على عقارات في الخارج. وكذلك المادة (138) مرافعات والتي قرّرت إمتناع القاضي وجوباً من تلقاء نفسه عن نظر الدعوى وإصدار حكم فيها إذا وجد سبب من الأسباب المنصوص عليها في هذه المادة وحيث قرّر القانون وأوجب على القاضي أن يمتنع عن مجرد نظر الدعوى فمن باب الأولي يُحَرِّم عليه إصدار حكم فيها، فإذا حصلت المخالفة ونظر القاضي الدعوى وأصدر حكمه فيها فلا ينظر إلى الحكم على أنه باطل بل معدوم تلك بعض التطبيقات المنصوص عليها في قانون المرافعات وجميعها تتعلّق بركن الولاية – كما سبق وأن أشرنا – أي ولاية القاضي في نظر النزاع وإصدار حكم فيه. وفي التطبيق العملي لحكم المادة (8) مرافعات والتي تنصّ على أنه: "يتقيّد القاضي في قضائه بالقوانين النافذة ويجب عليه تطبيق أحكامها"، والقانون في المادة (300) مرافعات توجب على القضاة تنفيذ توجيهات المحكمة العليا. فكان من المحكمة العليا في إحدى القضايا المرفوعة إليها أن وجّهت محكمة الإستئناف بأمور معينة وأرجعت الأوراق إليها بعد أن نقضت حكمها ولكن محكمة الإستئناف لم تلتزم بتوجيهات المحكمة العليا وأصدرت حكمها خلافاً لتلك التوجيهات فتمّ الطعن في حكمها بالنقض ونظرت الطعن هيئة أخرى فأصدرت قراراها بإقرار الحكم المطعون فيه فرفع  الخصم دعوى انعدام بقرار المحكمة العليا الأخير وأصدرت المحكمة حكمها بانعدام قرار المحكمة العليا ونقضت الحكم المطعون فيه. تأسيساً على عدم ولاية محكمة الإستئناف فيما أصدرته لأن ولايتها أصبحت مقيدة بما وجهت به المحكمة العليا "مرفق بهذا نسخة للحكم". هذا وما تجدر الإشارة إليه أن معظم الأحكام التي صدرت من المحكمة العليا في دعاوى الإنعدام جميعها متعلّقة بركن الولاية. وحكم واحد متعلّق بركن الخصومة "مرفق بهذا نسخة من هذا الحكم" مؤشّر عليه ضمن الأحكام المرفقة. ونحن نستبعد أن يصدر حكم منعدم من أي قاضٍ ذي ولاية غير مكتوب.
هذا وما يلزم توضيحه أن القانون في المادتين (57، 58) مرافعات قد حدّد ونظَّم كيفية وإجراءات مواجهة الحكم المنعدم الصادر عن أي محكمة سواء كانت محكمة إبتدائية أو محكمة إستئناف أو المحكمة العليا ومن أهمها أن دعاوى الإنعدام يمكن رفعها دون التقيّد بمواعيد الطعون أو الدعاوى المنصوص عليها في القانون ومنها أن القانون حصن الأحكام الصادرة في دعاوى الإنعدام من الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن التي قرّرها القانون ومنها أنه لا دعاوى إنعدام مع إمكان الطعن في الحكم بأي طريق من طرق الطعن. وذلك في المادتين المشار إليهما آنفاً (57، 85) مرافعات.
ذلك عرض ميسّر ومختصر لنظرية الإنعدام في القانون اليمني وتطبيقاتها في أحكام المحكمة العليا مرفق بهذا العرض نسخة من قانون المرافعات اليمني مع مجموعة من أحكام الإنعدام التي أصدرتها المحكمة العليا.